جريدة الاستثمار العربى الان السوق يأتى اليك اقتصادية متخصصة
رئيس التحرير وليد عبد العظيم

اعادة تفعيل دور المجلس الأعلى للاستثمار

محسن عادل – نائب الرئيس التنفيذي لمجموعه بيت الخبرة للتنمية الاقتصادية

من الهام اعادة تفعيل دور المجلس الأعلى للاستثمار لكي يتولى مراجعة الإجراءات والقوانين المتعلقة بالاستثمار فى الأنشطة والمجالات كافة الأمر الذى يعطى ثقة لجميع المستثمرين المصريين والأجانب بأن المرحلة المقبلة ستشهد نقلة نوعية فى منظومة الاستثمار، وهو ما سينعكس إيجابا على معدلات الاستثمار داخل السوق المصرى ، كما أن القرارات التي ستصدر عن المجلس ستلتزم بها الوزارات الموجودة خاصة من ناحية الاستراتيجية الاستثمارية و متابعه التغيرات فيها و عرض المشكلات غير التنفيذية و سبل معالجتها مما سيساهم في تسريع الجهود المبذولة لعودة مصر كدولة رائدة وجاذبة للاستثمار و سيكون ضمان لسرعة حل مشاكل المستثمرين وانهاء الخلافات بين الأجهزة الحكومية والمستثمرين، خاصة من قاموا برفع دعاوي قضائية أو لجأوا للتحكيم الدولي كما سيساهم تفعيل المجلس علي إرساء البيئة المؤاتية من أجل دعم توسيع القطاع الخاص والاستثمار في الشراكة بين القطاعين العام والخاص في البنية التحتية الاقتصادية الأساسية ، و تعزيز القطاع المالي من أجل زيادة نسبة وصول الشركات الصغرى والصغيرة والمتوسطة والأعمال التجارية إلى التمويل ، وتطبيق الإصلاحات بهدف تخفيف القيود على التجارة التي من شأنها تحسين عائدات القطاع الخاص.

اتصور ان الاجتماع القادم لهذا المجلس الهام يستلزم ان يستعرض عدة ملفات هامة فعلي مدار الاشهر الماضية قمت بتجميع العديد من الاراء سواء من اجتماعات او ندوات او لقاءات او مقالات او تحليلات او دراسات او تجارب دولية و عربية خلصت من خلالها الي عده خطوات مطلوبة كبرنامج اصلاحي لمناخ الاستثمار بصورة متكاملة تتمثل في :

اولا : ضروره تشكيل اللجنة الوطنية لتوحيد وتنسيق جهود جذب وتسويق الاستثمارات في مصر داخليا وخارجيا فهذا الموقف يواجه ازمه متكرره في اغلب البلدن النامية حاليا فكل جهه تعمل بنشاط و قوه في سبيل جذب الاستثمارات و لكن دون تنسيق فعلي او فعال مع باقي الجهات مما يتسبب دائما في ضعف المردود مع استبعاد جهات في غاية الاهمية من المشاركة غالبا كالبورصة و بنوك الاستثمار و الوحدات المصرفية و المؤسسات المالية غير المصرفية .

و يجب ان تتضمن هذه اللجنه الوزارات، والهيئات، والمراكز والبرامج الحكومية لمحاوله وضع آليات لانتظام جهود الجهات الحكومية على صعيد توحيد الرسائل الاتصالية والنشاطات التسويقية، وجذب وتسويق الفرص الاستثمارية بصورة متكاملة و يستدعي ذلك تشكيل لجنة في الهيئة العامة للاستثمار تعمل على إيضاح أدوار الجهات ذات العلاقة ومسؤولياتها، من خلال توزيع المهام المنوطة بكل جهة، والخروج بنموذج حوكمة محدد وواضح.

مع اطلاق منصة “استثمر في مصر” كهوية استثمارية وطنية موحدة لتسويق وجذب الاستثمارات و من خلال هذه الهوية يتم التعاون مع الجهات الحكومية ذات العلاقة لاستخدام هذه الهوية في جميع أعمالها المتعلقة بجذب وتسويق الفرص الاستثمارية، والعمل على إعداد المحتوى والرسائل التسويقية ذات الصلة بحسب اختصاص كل جهة، ما سيسهم في تعزيز الدعم والتنوع في النمو الاقتصادي خصوصا في القطاعات المستهدفة مع اهمية  تشكيل مجلس جديد للتجارة الإلكترونية في مصر ليتواكب مع الزخم الكبير في التفاعل التجاري عبر الانترنت في البلاد.

ثانيا :  نمو الصادرات أثبت اعتماديته على مدخلات مستوردة ما أدى إلى استمرار الفجوة لصالح الواردات. وهو وضع بالمناسبة ليس خاصا بمصر بل يشمل الكثير من البلدان النامية التى تعتمد فى إنتاجها للأسواق المحلية أو التصديرية على استيراد مدخلات من الخارج، ما يجعل استراتيجية تنمية الصادرات فى حد ذاتها، ودون أن تكون جزءا من استراتيجية تصنيعية أكبر وأشمل، بعيدة عن أن تكون حلا لمشكلات ميزان التجارة

يبدو أن الحل على المدى المتوسط إلى البعيد يكمن فى صياغة وتطبيق استراتيجية لتصنيع السلع الوسيطة محليا، وبالتالى الاعتماد على استيراد الخامات فحسب وتصنيعها محليا، والخامات بالطبع أقل تكلفة، ومن شأن نجاح مثل هذه الاستراتيجية فى السنوات العشر القادمة تنمية قطاع الصناعة، وخلق فرص عمل، وإتاحة فرص للنمو لدى القاعدة العريضة من المنشآت الصغيرة والمتوسطة التى يمكن أن تعمل فى مجال تغذية الصناعات النهائية، وفى الوقت نفسه تقلل من حجم الاعتماد على الواردات.

نؤكد علي إن استراتيجية كهذه ينبغى أن تكون شاملة لجوانب التمويل وإتاحة التكنولوجيا وبناء المهارات أى ببساطة صياغة وتطبيق استراتيجية تصنيع، ولا يمكن لهذا أن يتحقق دون دراسة الأدوات المتاحة للدولة، والتى تشتمل على شق سياسات كإجراءات الدعم والتحفيز والاستثمارات العامة فى مجالات التدريب المهنى والتعليم الصناعى، وفى شق الترتيبات المؤسسية للشراكة بين الدولة والمنتجين فى وقت لم تعد فيه الدولة تضطلع بالقسم الأكبر من الإنتاج والتوزيع المباشرين للسلع والخدمات. ولعله يكون من المناسب النظر إلى حالات نجح فيها «تعميق الصناعة» من خلال إيجاد شبكات من الصناعات المغذية المرتبطة بصناعات نهائية كما هو الحال فى تايوان أو فى كوريا الجنوبية أو فى الصين، وكلها من الحالات الفذة فى مجال التطوير الصناعى.

ثالثا : تساهم الشراكة بين القطاعين العام والخاص في ارسال إشارة واضحة إلى القطاع الخاص تؤكد توفر العمليات الشفافة والفعالة من أجل تحديد مشاريع الشراكة بين القطاعين العام والخاص وتطويرها وإجراء المفاوضات والشراء وتنفيذها ورصدها و يستلزم الامر إرساء البيئة المؤسسية للشراكة بين القطاعين العام والخاص .

رابعا : منظومه الجذب الاستثماري يجب ان تتضمن و بشكل اساسي التوسع في انشاء المناطق الحره العامه بعد ان باتت تشكل عنصراً أساسياً في المنظومة الاقتصادية الشاملة التي تساهم في نمو الناتج الإجمالي ، كما أنها أحد الحلول المبتكرة التي لجأت إليها دول العالم للاستثمار في صناعة المستقبل، وتحقيق الازدهار الاقتصادي و هو ما يستدعي التوسع في إنشاء مناطق حرة جديده بهدف جذب المستثمرين عبر توفير مزايا تنافسية عالمية.

خامسا : وضع برنامج متكامل للإصلاحات المقترحة لتحسين ترتيب مصر في مؤشر التنافسية العالمي و ينبغي ادراك ان التحدي الأساس للاستثمار ليس في الحصول فقط على ترتيبات متقدمة في مؤشرات التنافسية و لكن في تحقيق التحسن المستمر في هذه الجوانب، مع ادراك حقيقة تدفق الاستثمارات للاقتصاد، فرغم أن المؤشرات قد تقدم انطباعا جيدا ، إلا أن الأهمية الحقيقية تكمن في قدرات الاقتصاد نفسه على منح المستثمرين عوائد ايجابية في ظل مناخ استثماري محفز مع وضع الخطط والسياسات التي تساعد على الابتكار وتوطين التكنولوجيا ، وذلك بالتركيز على تطوير البحث العلمي لما له من أهمية في تحسين القدرة التنافسية سواء من خالل رفع اإلنتاجية، أو من خالل تحسين جودة المنتجات وتطويرها لتحسين تنافسية المنتج .

Ads

سادسا : وضع برنامج متكامل لخطوات جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى مصر يتضمن متابعة الشركات القائمة و التواصل مع المستثمرين وإمدادهم بالمعلومات الخاصة بالاستثمار و تشكيل لجان التعاون الاستثماري محليا و خارجيا و تعريف مجتمع الأعمال بالدور الجديد لخدمات المستثمرين والخريطة الاستثمارية والحوافز و إعداد مؤتمرات إقليمية في أقاليم مصر المختلفة بصفة دورية و الترويج للمناطق (الحرة / الاستثمارية) الجديدة و الترويج للمشروعات الكبرى و مساعدة المستثمرين الاجانب في ايجاد شركاء مصريين (Match Making). ودراسة وحل المشاكل والعقبات التي تواجه المستثمرين

وحتى يمكن إنجاح جهود الترويج للاستثمار في مصر يستلزم الأمر التطوير والتحديث المستمر بهدف تنفيذ الآتي:تطوير وتحديث الخريطة الاستثمارية لتتضمن أهم الفرص الاستثمارية، وتوزيع الفرص جغرافيا علي الخريطة الاستثمارية لجمهورية مصر العربية وإتاحتها للمستثمر مع بيان البنية التحتية والمزايا المحددة للإقليم مع تحديد القطاعات الرئيسية ذات الأولوية لجذب الاستثمارات الأجنبية والوطنية التي تساهم في تقديم تكنولوجيا أكثر جدية وفاعلية للنفاذ إلى سلاسل التوريد العالمية والتي من شانها تقليل من تكاليف الإنتاج وزيادة فرص التصدير و استهداف الدول ذات الأولوية لجذب الاستثمارات الأجنبية

سابعا :  إنشاء فرع مركز الثورة الصناعية الرابعة للمنتدى الاقتصادي العالمي في مصر ، والذي سيعد الاول افريقيا و السادس على مستوى العالم مما سيوفر مساحة لتطوير آليات وخطط عمل وتطبيقات الثورة الصناعية الرابعة في مصر، وسيسهم في تبني التقنية وأفضل الممارسات في المنطقة والعالم كما سيتيح المركز فرصة التعاون مع مختلف الجهات الحكومية والمؤسسات العالمية والشركات الخاصة، في إطار الجهود الرامية إلى تطوير حلول فاعلة لتحديات القطاعات الحيوية وإعداد الكفاءات ورفع مستوى القدرات، وبناء مواهب متقدمة في المجالات ذات العلاقة بالثورة الصناعية الرابعة.

ثامنا :  من الضروري انهاء فترة تجميد منظومة حوافز الاستثمار التي نص عليها القانون رقم ( 72  لسنة 2017 ) سواء بالنسبة للحوافز الضريبية او الحوافز غير الضريبية مما سيساهم في تنشيط عملية الجذب الاستثماري و تحقيق الهدف من هذه الخوافز بالاضافة الى تفعيل الحوافز الضريبية الجديدة و التي صدرت بموجب تعدل القانون مما سيشجع الشركات على اعادة استثمار فوائض الارباح المحققة ضمن نتائج اعمالها مجددا مما سيرفع من معدلات الاستثمار .

تاسعا :  ضرورة وضع برنامج زمني متكامل لربط كافة الجهات المعنية بالاستثمار اليكترونيا بحيث يتم اصدار التراخيص بصورة موحدة من خلال منظومة رقمية متكاملة دون الحاجه للتوسع في انشاء مراكز جديدة لخدمات المستثمرين غير فعالة و في المحافظات ذات النشاط الاستثماري المحدود مما يستلزم تعيين عدد كبير من العاملين و تكبد تكلفة مرتفعه دون تحقيق الفاعلية المطلوبة .

كما يجب ان تتضمن هذه المنظومة ليس فقط خطوات التاسيس و التراخيص و لكن كل ما يتتتبعها من خطوات و اجراءات مكملة طوال عمر المشروع مع التوسع الكامل في استخدام الوسائط التكنولوجية بكافة انواعها لتحقيق ذلك و ستساههم هذه المنظومة في القضاء على تضارب تاسيس الشركات بين الجهات المختلفة .

عاشرا : البدء في وضع برنامج متكامل لمراجعة التكاليف التي تتعرض لها الشركات بدءا من مرحلة التاسيس و حتى مرحلة التشغيل بصورة تعكس عنصر المنافسة على مستوى قطاعات الاستثمار بانواعها الى جانب زيادة الدور الذي تلعبه السياسات الحكومية في عملية تشجيع الاستثمار و يجب ان تشمل عملية المراجعه هنا ثلاثة مراحل :-

  • الاولي : تتعلق بتكاليف التاسيس و التراخيص بانواعها سواء المصروفات الادارية او تلك المرتبطة بتكلفة الحصول على الارض و المرافق و غيرها من التكاليف عند بدء النشاط .
  • الثانية :  ترتبط بعنصر فترة التشغيل و يتضمن هنا عوامل مثل تكلفة الطاقة و الضرائب و التامينات الاجتماعية و الرسوم الادارية التنظيمية و تكلفة النقل و المواد الخام و نقص سلاسل الاعمال بالاضافة الى الرسوم الجمركية و الاعباء الادارية و تكاليف تاخير الاجراءات الحكومية بما يضم تحقيق وفر في التكاليف التي يتحملها المستثمر دون تحقيق غبن في تحصيل مستحقات الدولة .
  • الثالثة : هو مقارنة متوسطات التكاليف بالمتوسطات السائدة في المنطقة بالمقارنة مع المتوسطات الخاصة بالعوائد ايضا محليا و مع الدول المنافسة لابراز عنصر التنافسية الحقيقي للاستثمار في مصر . علما بان هذه التكاليف يجب ان تتضمن ايضا مراجعه شاملة لتكاليف التمويل سواء المصرفي او غير المصرفي على عملية الاستثمار .

حادي عشر  : انشاء وحدة مركزية تتبع مجلس الوزراء او احدى وحداته التابعة لكي تتولى عمليات المتابعة و التقييم و التنسيق فيما يخص كافة عمليات الاستثمار بالاضافة الى تحليل كافة المتغيرات الاستثمارية محليا و عالميا و تتضمن هذه الوحدة بالاضافة الي ادارتها التنفيذية مركزا لمعلومات الاستثمار و بياناته متضمنا وضع برنامج للمتابعه و التقييم فيما يخص عمليات و اجراءات و نظم الاسثمار على مستوى الجمهورية .

مع اهمية انشاء مركز معلومات موحد بهيئة الاستثمار كأداة استراتيجية توظف الذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة ورفع جودة مخرجات عميات الهيئة العامة للاستثمار. ويعمل النظام على جمع المعلومات المتعلقة بالقطاعات والشركات العالمية، بهدف بناء شبكة معلوماتية تقدم بيانات لحظية وبعيدة المدى بكافة قطاعاتها الرئيسة علي ان يتمتع النظام بقدرات عالية، حيث تمت برمجته ليتطور بشكل مستمر وبطريقة آلية آلي. وخلال مراحله الأولية يشمل رؤية تنفيذية – تعمل على تقديم الشركة من منظور شامل ، وعرض كامل لهيكلة الموردين المعتمدين لكل شركة، والتوزيع الجغرافي لأرباح الشركات، وقوائم الخدمات والمنتجات لكل شركة، وملفات تعريفية للرؤساء التنفيذيين والموظفين ، إضافة إلى تقارير الأبحاث الخاصة بالقطاعات، وتقارير الأبحاث الخاصة بالدول، وتحليلات تفصيلية للأفكار، ونشاطات الشركة.

يتبقي ضرورة التركيز على تنفيذ ومتابعة برنامج تعميق التصنيع المحلى لزيادة القيمة المضافة للمنتجات المصرية، وإعداد برنامج إصلاح هيكلي لقطاع الصناعة يركز على حل مشكلات الصناعة بدءا من مرحلة الإنشاء وحتى الإنتاج والتصديرو الاستفادة من الحوافز التي أعلنتها الحكومة لجذب استثمارات في الصناعات التكنولوجية لتصنيع منتجات ذات قيمة مضافة مرتفعة، والاهتمام بالتعليم الفني واستحداث مدارس ومعاهد فنية مؤهلة لسوق العمل تتناسب مع أنواع الصناعات التي تسعى مصر لتوطينها وتحقيق ميزة تنافسية بها، وحل مشكلات منظومة النافذة الواحدة التي تم البدء في تنفيذها بمصلحة الجمارك، والتي لم تحل مشكلة تأخر مدة الإفراج الجمركي، وربطها بجميع الجهات المتعاملة مع الجمرك، وتطوير منظومة النقل البرى والاستفادة من السكك الحديدية في عملية نقل البضائع .

يجب الاخذ في الاعتبار أن المشروعات الجديدة غالبا تنفذ علي فترات تتراوح ما بين سنه الي اربع سنوات او علي فترات أطول من ذلك، لذا فالاستثمارات الحالية قابلة للزيادة بقيم اعلي خلال السنوات التالية خاصة في ضوء تحسن مناخ الاستثمار في ضوء الجهود التي تبذل و نتيجة لذلك فيجب تبني منهج متكامل بدء من استكمال إصلاح البيئة التشريعية بحيث تصبح أقل تعقيداً وإعطاء أولوية لتنمية المناطق الواعدة .

( تمت الاستعانه في المقال باراء و مقالات منشوره من مصادر متعدده )

 

 

 

اترك تعليقا

اشترك الآن في نشرة تلسكات

أول نشرة إخبارية مسائية فى مصر تطلقها جريدة الاستثمار العربى تأتيكم قبل العاشرة يوميا من الأحد إلى الخميس