يشهد المجتمع المصري حالة من الترقب لزيارة بعثة صندوق النقد الدولي المنتظرة خلال الأسابيع المقبلة، والتي من المقرر أن يتم الإعلان رسميًا عن موعدها من قبل الحكومة المصرية خلال الأسبوع الجاري، في وقت تستبعد فيه التوقعات أن يكون الهدف من الزيارة مناقشة تحرير أو زيادة أسعار السلع.
يرجح اقتصاديون أن تركز البعثة هذه المرة على ملف تخارج الجهات السيادية من بعض القطاعات الاقتصادية، في ظل تقديرات تشير إلى أن مساهمة المؤسسات العسكرية ومشروعات الخدمة العامة العسكرية في النشاط الاقتصادي لا تقل عن 30%، وهو ما يتعارض مع سياسة الصندوق الداعمة للاقتصاد الحر.

النحاس: ترك الاقتصاد رهينة للقطاع الخاص ليس في صالح المجتمع
قال وائل النحاس الخبير الاقتصادي إن الزيارة المرتقبة لن يكون لها تأثير على أسعار السلع، مؤكدًا أن جوهر المعركة يرتبط بهيمنة الدولة على الاقتصاد المصري.
وأوضح في تصريحات خاصة لـ الاستثمار العربي أن الصندوق سيضغط خلال الزيارة لحسم تخارج بعض الجهات السيادية وفي مقدمتها المؤسسات العسكرية من النشاط الاقتصادي، مشيرًا إلى أن مصر لم تُقدم بعد على هذه الخطوة.
ودعا النحاس إلى إعداد استراتيجية تفاوض واضحة تضمن تحقيق مكاسب متوازنة وتأمين الاقتصاد، مؤكدًا أن تركه رهينة للقطاع الخاص لا يخدم المصلحة العامة.
وأشار إلى أن بعض التجارب السابقة، مثل تخارج الدولة من قطاع الإسمنت في التسعينيات، أدت إلى اضطرابات في السوق وارتفاعات كبيرة في الأسعار، بينما أسهمت تدخلات سيادية في ملفات أخرى – مثل استيراد القمح – في تحسين جودة السلع المقدمة للمواطنين.
وأكد الخبير ضرورة البحث عن حلول وسط من خلال بدائل مثل زيادة رؤوس الأموال أو إدخال مستثمرين جدد أو توسيع قاعدة الملكية، مشددًا على أن دور الصندوق يجب ألا يتعارض مع سيادة المؤسسات الوطنية.

عليان: التفاوض ضرورة لتحقيق التوازن بين العائد والتكلفة
من جانبه قال عبد الرحمن عليان أستاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس إن صندوق النقد يتعامل وفق قواعد تضع الاقتصاد الحر أساسًا للتعاون، مشيرًا إلى أن الصندوق ينظر بعين القلق إلى ارتفاع نسبة مساهمة المؤسسات العسكرية في الاقتصاد، والتي تُقدَّر بنحو 30%، معتبرًا أن ذلك يتعارض مع مبادئ السوق المفتوحة.
وأوضح في تصريحات خاصة لـ الاستثمار العربي أن الحكومة لا يمكنها فرض رقابة كاملة على ميزانيات المؤسسات العسكرية أو إدارتها بما يتوافق مع متطلبات الصندوق، وهو ما يفسر إصرار الأخير على تخارجها من النشاط الاقتصادي.
وأضاف أن تقييم جدوى هذا التخارج اقتصاديًا واجتماعيًا يتطلب بيانات تفصيلية لا تتوفر حتى الآن، مؤكدًا أن التحول للقطاع الخاص يظل خيارًا معقدًا وله انعكاسات مباشرة وغير مباشرة على المجتمع.
ولفت إلى وجود ملفات شائكة تتعلق بأنشطة حساسة مثل الصناعات الدفاعية، متسائلًا عما إذا كان من الممكن السماح للقطاع الخاص بالعمل فيها بعد التخارج.
وأكد أن التفاوض مع الصندوق يجب أن يسعى لتحقيق التوازن بين التكلفة والعائد، خاصة في ظل امتلاك الصندوق صلاحية وقف الدفعات في حال عدم الالتزام بالشروط.
وتشير التوقعات إلى احتمالية حصول مصر على دعم يتراوح بين 2.4 و2.6 مليار دولار ضمن قرض يبلغ نحو 8 مليارات دولار، وذلك بعد الانتهاء من المراجعتين الخامسة والسادسة المؤجلتين قبل نهاية عام 2025.
الرابط المختصر: https://estsmararabe.com/?p=451393
