«التضخم» و«مواد البناء» يدفعان المطورين لتحديد أسعار تحوطية للوحدات العقارية

8000 جنيه ارتفاعًا في سعر طن الحديد خلال عام

الزيني: الحديد والأسمنت يتعدى 50% من تكلفة بناء الوحدة

أسعار الأسمنت قفزت 20% بسبب زياة الطلب على تصديره

الدهانات والكابلات ارتفعت نحو ثلاثة أضعاف خلال 2023

 

 

يتسبب ارتفاع أسعار مواد البناء في زيادة تكلفة بناء العقارات الجديدة، مما يرفع أسعارها، حيث ارتفعت أسعار مواد البناء بشكل ملحوظ خلال العام على الرغم من استقرار معظمها منذ 5 أشهر.

ويعتبر الحديد من أهم مواد البناء وأكثرها استخدامًا، و ارتفعت أسعاره بشكل كبير ببداية العام بسبب زيادة الطلب وارتفاع تكلفة الإنتاج نتيجة ارتفاع سعر الصرف، وكذلك الأسمنت التي تخطت أسعاره 3200 جنيها للطن فيما تعاني بعض الشركات من عدم تواجده، هذا إلى جانب بعض خامات التشطيب ومنها الطوب والرخام والألومنيوم والدهانات والكابلات وغيرهما.

كما يعتبر التضخم أهم أسباب ارتفاع تكلفة الوحدة وارتفع معدل التضخم السنوي ليسجل (25.6%) لشهر أغسطس 2024 مقابل (25.2%) لشهر يوليو 2024.

ولذلك لجأ المطورين إلى وضع أسعار تحوطية للوحدة تحسبا لاختلاف سعر الصرف مما ينتج عنه ارتفاع تكلفة الوحدة خلال الإنشاء عقب التعاقد مع العميل خاصة في ظل زيادة مدد التقسيط.

وتوقع خبراء القطاع أن تستقر أسعار الوحدات العقارية حتى نهاية العام الجاري وتبدأ في الارتفاع مع بداية شهر فبراير 2025 تزامنا مع بداية مبيعات موسم صيفي جديد.

تكلفة الحديد والأسمنت

وقال أحمد الزيني ، رئيس شعبة مواد البناء بالغرفة التجارية للقاهرة، إن تكلفة الحديد والأسمنت تتعدي الــ 50% من تكلفة بناء الوحدات العقارية بسبب وجود معايير معينة للخرسانة المسلحة والتي تتكون بشكل أساسي من الحديد والأسمنت.

فيما تختلف الكميات المستخدمة من الدهانات والألومنتال وغيرها من منتجات التشطيب والتي تختلف وفقا لدرجة التشطيب فاخر أم اقتصادي .

ونوه إلى أن بعض المطورين قاموا برفع تسعير الوحدات في بناير الماضي بحوالي 70 جنيها للدولار وبعضهم رفع السعر بهدف التحوط إلى 100 جنيها ومن ثم لم يتم خفض الأسعار مرة أخرى بسبب وجود تحديات أخرى.

سجلت أسعار الحديد خلال  سبتمبر 2023 نحو 33 ألف جنيها للطن، فيما يسجل خلال سبتمبر 2024 حوالي 41 ألف جنيها للطن .

وأضاف رئيس شعبة مواد البناء أن أسعار الحديد  ثابتة علي الشهر الخامس علي التوالي، مما يعتبر انخفاض غير مسبوق بعد ارتفاعات متتالية غير مسبوقة، وذلك بسبب توفير البنوك  للعملة الصعبة لاستيراد خام الحديد.

وأوضح أن الفترة القادمة لن تشهد ارتفاعات في الأسعار، بل انخفاضات، والسبب في ذلك عدم الإقبال الكبير علي الشراء بعد ارتفاع الأسعار بشكل عام.

وارتفعت أسعار الأسمنت من 2000 جنيها للطن خلال سبتمبر 2023 لتسجل نحو 3200 جنيها للطن خلال الفترة الحالية.

قفزت أسعار الأسمنت في مصر حوالي 20% منذ بداية أغسطس الماضي، وأرجع الزيني ذلك إلى زيادة الصادرات والتي سجلت طفرة خلال شهر يوليو الماضي تحديداً، مدفوعة بتلقي طلبات استيراد عدة من دول مجاورة، خلال شهري مايو ويونيو الماضيين، تم تلبيتها بالكامل خلال يوليو، وهو ما تسبب في ارتفاع الأسعار .

وأكد الزيني أن مشروعات الدولة لها النصيب الأكبر من إنتاج المصانع كمشروعات العاصمة الإدارية والعلمين الجديدة، فيما تتوقف حركة البناء في المحافظات والقرى.

سعر تحوطي للوحدة

وقال أحمد الحداد، رئيس مجلس إدارة شركة سيا للتطوير العقاري ، إن التضخم  هو السبب الأساسي في رفع أسعار الوحدات العقارية والذي يدفع المطور لتحديد أسعار تحوطية تتفوق على السعر الأصلي للوحدة، فمثلا عندما يقوم المطور بالتعاقد والتسليم خلال 3 سنوات، فيقوم بالتحوط تخوفا من تغير سعر الدولار وارتفاع تكلفة البناء.

ونوه إلى أن أسعار مواد البناء تدخل ضمن مؤثرات التضخم حيث ارتفاع أسعار الحديد والأسمنت وكذلك كافة تكاليف البناء .

وعن نسبة الأرض من تكلفة بناء الوحدة فنوه رئيس مجلس إدارة شركة سيا للتطوير العقاري،  إلى أنها تختلف وفقا لنوع الوحدة سواء تجارية، سكنية أو إدارية، وكذلك وفقا للمنطقة ومعدل ارتفاع الأسعار فيها، فعلى سبيل المثال سعر المتر في الساحل الشمالي ارتفع من 1050 جنيها خلال الصيف إلى 3900 جنيها حاليا.

وتوقع أن تستقر أسعار الوحدات العقارية حتى نهاية العام الجاري وتبدأ في الارتفاع مع بداية شهر فبراير 2025 تزامنا مع بداية مبيعات موسم صيفي جديد، وكانت الأسعار بدأت في الاستقرار منذ شهر مارس الماضي عقب تحرير سعر الصرف بعدما سجلت ارتفاعات كبيرة خلال 2023 والثلاثة أشهرالأولي من العام الجاري 2024.

معدل التضخم

كشف الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، عن ارتفاع معدل التضخم السنوي في مصر ليسجل (25.6%) لشهر أغسطس 2024 مقابل (25.2%) لشهر يوليو 2024.

فيما بلغ الرقم القياسي العام لأسعار المستهلكين لإجمالي الجمهورية (231.1) نقطة لشهر أغسطس 2024، مسجلاً بذلك تضخماً قدره (1.9%) لشهر أغسطس 2024 مقابل (0.5%) لشهر يوليو 2024.

ومن جانبه قال بهاء كريم،  المدير العام لشركة عقار مصر، إن أسعار مواد البناء تمثل ثلث تكلفة بناء الوحدة العقارية، فيما يمثل سعر الأرض الثلث الثاني أما الثلث الأخير فيكون للتشطيب.

مواد البناء

وأوضح أن سعر مواد البناء ثابت مع اختلاف المحافظة أو المنطقة التي يتم البناء فيها، فمثلا ترتفع أسعار الأرض في المحافظات الساحلية والمدن الجديدة عن أسعارها في المناطق البعيدة والمحافظات .

وأشار إلى أن سعر الصرف المستقر تسبب في استقرار سعر الحديد بعد أن وصل في وقت من الأوقات لـ55 ألف جنيها الحديد مما يدفع إلى استقرار أسعار الوحدة أو زيادتها بشكل مقبول من قبل العملاء على عكس الزيادات قبل تحرير سعر الصرف – مارس الماضي –  حيث أن سعر الحديد أكثر مواد البناء تأثرا في تكلفة الوحدة .

وكانت الشركات قبل التحرير تغير قوائم أسعارها كل شهر بعد أن كانت تستمر في السنوات الماضية لأكثر من أربعة أشهر، حيث أن الارتفاعات المتتالية كانت تدفع المطور إلى زيادة نسبة التحوط عن بيع الوحدة من 20% إلى 50 أو 60%  خوفا من خسائر ارتفاع تكلفة البناء.

وأوضح المدير العام لشركة عقار مصر،  أن الشركات العقارية تعاني من عدم وجود الأسمنت وارتفاع سعره بشكل كبير، ومن الممكن أن يدفع ذلك بعض المطورين لرفع الأسعار حال استمرار الأزمة.

أسعار الدهانات

وعن أسعار الدهانات والكابلات فأوضح أنها ارتفعت بحوالي ثلاثة أضعاف خلال عام 2023 بسبب ارتفاع سعر الدولار.

ومن جانبه قال فتح الله فوزي، رئيس لجنة التشييد والبناء بجميعة رجال الأعمال، إن زيادة أسعار مواد البناء ترفع أسعار الوحدات، حيث تصل تكلفة حديد التسليح في إنشاء الوحدات السكنية لنحو 10%، وارتفعت أسعار الحديد بأكثر من 50% خلال العام الماضي .

وأشار إلى أن الدولة تعمل على مواجهة أزمة غلاء إيجار الوحدات السكنية ببناء وحدات ضمن برنامج الإسكان الاجتماعي وخلق فرص أكبر للمواطنين للحرية في اختيار السكن المناسب.

وأكد فوزي على أن القطاع العقاري شهد زيادة في الطلب خلال العام الماضي لاعتباره الملاذ الأكثر أمانا، حيث ارتفع الطلب المحلي والخارجي خوفا من فقد قيمة العملة.

ونوه إلى أن التحدي أمام الشركات العقارية هو تنفيذ وتسليم الوحدات المباعة في ظل الارتفاعات المتواصلة في التكلفة وهو ما يتطلب سرعة البدء في الإنشاءات بالتزامن مع الطرح للبيع كأحد الآليات المهمة للتحوط من الزيادات المتوالية.

الأسواق المجاورة

وفي سياق منفصل، شدد فوزي على أن القطاع العقارى الأكثر جذبًا للاستثمارات المحلية والأجنبية فى ظل زيادة سكنية بواقع 2.5 مليون نسمة سنويًا، وأن الظروف التي مرت بها الشركات المصرية خلال الفترة الأخيرة جعلتها أكثر قوة وساعدها في اكتساب الخبرات والقدرات الكافية للخروج للأسواق المجاورة.

وقال محمد طاهر رئيس مجلس إدارة مجموعة النيل والأهرام العقارية وعضو جمعية مطوري القاهرة الجديدة، إن أسعار العقارات سترتفع بشكل كبير خلال الفترة القادمة، بسبب إجراءات حكومية معلنة بالفعل ومنها ارتفاع أسعار الوقود وبالتبعية أسعار الحديد ومواد البناء كذلك، وارتفاع أسعار الأراضي وكلفة التسويق والبيع.

موضحا أن أفضل وقت لشراء عقار هو خلال هذه الفترة، لافتاً إلى أن من اختاروا مشروع بطريقة صحيحة وتعاقدوا على وحدات قبل 4 سنوات في الوقت الذي كان البعض يثير مخاوفهم بأن أسعار العقارات في طريقها للانهيار، حققوا المكاسب الأكبر.

العقار ملاذ أمن

منوها إلى أن العقار هو الملاذ الأمن بشل دائم ، مشيرا إلى حالة واحدة يخسر فيها العميل أمواله، أبرزها الاختيار الخاطئ للمشروع أو لشركة التطوير، فالشراء والتعاقد مع شركة ضعيفة هو خسارة محققة للأموال.

وكذلك التعاقد مع شركة لم تدرس السوق أو المشروع بالشكل المطلوب ما يترتب عليه عدم تنفيذ المشروع من الأساس أو تنفيذه بمستوى ضعيف فلا يكون العائد منه مجزي.

أسعار الوحدات بالقاهرة

ووفقا لشركة جيه إل إل، فإن أسعار الوحدات ارتفعت بالقاهرة خلال الربع الثاني من عام 2024، حيث ارتفعت أسعار البيع والإيجار في سوق الوحدات السكنية،  وشهد سوق الوحدات السكنية صعوداً غير مسبوق بفعل تخفيض قيمة العملة وارتفاع التضخم.

وأشارت إلى أن قرار البنك المركزي بتعويم الجنيه المصري خلال الربع الأول من هذا العام قد أحدث نقلة في الانطباعات السائدة حول قطاع المساحات المكتبية في القاهرة.

وفي سياق متصل، فشهد سوق الوحدات السكنية صعوداً غير مسبوق في أسعار البيع والإيجارات بفعل تخفيض قيمة العملة وارتفاع التضخم.

ففي السادس من أكتوبر، ارتفعت أسعار البيع بشكل ملحوظ بنسبة ناهزت 175% سنوياً في الربع الثاني، بينما شهدت القاهرة الجديدة زيادة بنسبة 180% مقارنة بالعام الماضي.

فيما شهد سوق الإيجارات نمواً كبيراً حيث ارتفعت الإيجارات في السادس من أكتوبر والقاهرة الجديدة بنسبة 101% و122% على التوالي خلال الربع مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي.