شهدت البورصات الأمريكية والآسيوية تراجعات ملحوظة خلال الأيام الأخيرة، نتيجة مخاوف من ارتفاع تقييمات الأسهم وتباطؤ النمو الاقتصادي، إلى جانب تهديدات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية بنسبة 100% على الواردات الصينية.
كما ساهم التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في فلسطين في تهدئة التوترات الجيوسياسية بالشرق الأوسط، ما قلل شهية المخاطرة لدى المتداولين.
تباين أداء الأسهم الآسيوية
تباينت مؤشرات الأسهم الآسيوية خلال جلسة الثلاثاء، وسط ترقب المستثمرين لمصير الحرب التجارية بين أمريكا والصين.
انخفض مؤشر “هانج سنج” في هونج كونج بنسبة 0.2%، بينما صعد مؤشرا “شنغهاي المركب” و”شنغهاي شنتشن” بنحو 0.3%.
وفي كوريا الجنوبية، قفز مؤشر “كوسبي” بنسبة 1.3% إلى مستوى قياسي بلغ 3646.77 نقطة، بدعم من توقعات قوية لأرباح “سامسونج إلكترونيكس”.
أما في أستراليا، فقد استقر مؤشر “S&P/ASX 200” مع استمرار مخاوف بنك الاحتياطي الأسترالي بشأن التضخم دون توجيهات جديدة للسياسة النقدية.
وفي سنغافورة، أبقى البنك المركزي سياسته النقدية دون تغيير رغم نمو الاقتصاد بأكثر من المتوقع في الربع الثالث، فيما استقرت العقود الآجلة لمؤشر “نيفتي 50” الهندي، مع استمرار حالة الترقب.
وتراجع مؤشر “نيكي 225” الياباني بنسبة 1.2%، متأثرًا باضطرابات سياسية داخلية عقب تعثر محاولة ساناي تاكايتشي لتولي رئاسة الوزراء.
رضوان: الأسواق تمر بمرحلة تصحيح فني طبيعي
قال محمد رضوان، رئيس قسم التعليم والتدريب بأكاديمية “تريدبيديا” بالإمارات، إن الأسهم الأمريكية تعرضت لضغوط بيعية بسبب تحذيرات جيروم باول محافظ الاحتياطي الفيدرالي من أن الأسهم مقومة بأعلى من قيمتها الحقيقية.
وأوضح أن ارتفاع مؤشر “وارن بافيت” إلى نحو 217% من الناتج المحلي يعكس مبالغة في تقييمات السوق وضعف الثقة بالاقتصاد الحقيقي.
وأشار إلى أن الأسواق تترقب نتائج أرباح الربع الثالث لتقييم أداء الشركات، مع استمرار التوقعات بخفض الفائدة مرتين إضافيتين قبل نهاية العام.
وأضاف أن الأسواق الآسيوية تبعت وول ستريت في التراجع نتيجة ضعف البيانات الاقتصادية الصينية وتراجع الثقة في الأسهم الصينية بسبب أزمة العقارات وتراجع السيولة الأجنبية.
ورغم التصحيح الحالي، يرى رضوان أن الاتجاه الصاعد للمؤشرات الآسيوية لا يزال قائمًا على المدى الطويل.
وأوضح أن اتفاق وقف إطلاق النار في فلسطين ساهم في تهدئة الأسواق وتقليل الطلب على الملاذات الآمنة مثل الذهب والنفط، لكنه لم ينعش شهية المخاطرة بالكامل، حيث لا تزال المخاوف قائمة بشأن تقييمات الأسهم الأمريكية وضعف الاقتصاد الصيني.
عويضي: الحرب التجارية قد تفجر أزمة طويلة في البورصات
قال سيد عويضي، رئيس قسم التحليل الفني بشركة “تي ماتريكس للاستشارات المالية”، إن التوترات التجارية بين أمريكا والصين تظل العامل الأكثر تأثيرًا على أسواق المال العالمية.
وأشار إلى أن ارتفاع وول ستريت الأخير كان نتيجة توقعات بتراجع حدة الصراع التجاري، رغم استمرار حالة عدم اليقين حول تنفيذ ترامب قراره بفرض رسوم 100% على الصين.
وأوضح أن تنفيذ القرار قد يؤدي إلى تراجعات حادة وطويلة الأجل في الأسواق، مستشهدًا بتجربة عام 2018 حين فرضت واشنطن رسومًا بنسبة 25% على واردات صينية بقيمة 50 مليار دولار، ما تسبب بانخفاض كبير في البورصات حينها.
ولفت إلى أن الأسواق المالية “منتفخة” وتشهد ارتفاعات غير مبررة، متوقعًا أن تؤدي التوترات الحالية إلى تصحيح طبيعي في الأسعار قد يتبعه انهيار واسع.
وأضاف أن ارتفاع النفط والذهب والبيتكوين يعكس خللًا في الموازين الاقتصادية وسحبًا للسيولة من الاقتصاد الرسمي، وسط تدخلات مفرطة من البنوك المركزية أدت إلى زيادة عشوائية الأسواق.
رجّح عويضي أن تأثير التوترات العالمية على البورصة المصرية سيكون محدودًا، مشيرًا إلى أن المستثمرين الأجانب قد يتجهون نحو أسواق الخليج وتركيا بدلًا من مصر، خاصة بعد خروج بعض الشركات الكبرى مثل “أوراسكوم” من السوق المحلي.
تصاعد الحرب التجارية بين واشنطن وبكين
تجددت الحرب التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم بعد إعلان الصين رفضها خطة ترامب لفرض رسوم جمركية إضافية بنسبة 100% على صادراتها، مؤكدة استعدادها للرد بإجراءات مضادة قوية.
وقالت وزارة التجارة الصينية إن واشنطن تواصل فرض قيود جديدة على الشركات الصينية منذ محادثات مدريد الأخيرة، مؤكدة أن “الصين لا تسعى للحرب التجارية لكنها لا تخشاها”.
وكان ترامب قد أعلن عزمه فرض قيود تصدير تشمل معظم المنتجات المصنعة في الصين بدءًا من نوفمبر المقبل، فيما كشف وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت أن ترامب سيجتمع مع نظيره الصيني في كوريا الجنوبية لبحث سبل تهدئة الخلافات التجارية.
الرابط المختصر: https://estsmararabe.com/?p=447191


