عقدت اللجنة الوزارية الاقتصادية اجتماعها اليوم برئاسة الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، وبحضور طارق عامر، محافظ البنك المركزي، والدكتور خالد العناني، وزير السياحة والآثار، والدكتورة هالة السعيد، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، والدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التعاون الدولي، والدكتور محمد معيط، وزير المالية، وهشام توفيق، وزير قطاع الأعمال العام، ونيفين جامع، وزيرة التجارة والصناعة.
وفي مستهل الاجتماع، أكد رئيس الوزراء، أن الحكومة تعمل فيما يخص الشق الاقتصادي وفق هدف رئيسي هو الاستقرار على الخطط والإجراءات التي يجب تبنيها لمواجهة المُستجدات الحالية التي تفرضها أزمة فيروس كورونا، وفق رؤية لتقييم المتغيرات أولاً بأول، والتعامل مع آثارها، لافتا إلى أن ذلك يتم بالتوازي مع إجراءات لمراعاة الجانب الاجتماعي الهام أيضاً، للتعامل مع المُتضررين من تداعيات هذه الأزمة.
وقال المستشار نادر سعد، المتحدث الرسمى باسم مجلس الوزراء: وافقت اللجنة الوزارية الاقتصادية على صرف المساندة التصديرية للشركات الصغيرة التى يبلغ إجمالى مستحقاتها ٥ ملايين جنيه فأقل عن مشحونات ما قبل 1/7/2019، وذلك دون انتظار ورود شهادة سداد هذه الشركات للضرائب، ووجه رئيس الوزراء، فى هذا الصدد بسرعة اتخاذ كافة الإجراءات التى تضمن الصرف الفورى لتلك المساندة الخاصة بهذه الشركات، وذلك فى إطار الاجراءات المتخذة لمواجهة أزمة فيروس “كورونا” والتخفيف من آثاره السلبية.
وخلال اجتماع اللجنة، عرضت الدكتورة هالة السعيد، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، تقريراً حول التداعيات المُحتملة لفيروس كورونا المستجد على الاقتصاد العالمي والوطني، وكذا الآليات المقترحة للتعامل مع الآثار المترتبة على ذلك.
وحول تأثير انتشار فيروس كورونا المستجد على الاقتصاد العالمي، أشارت الوزيرة إلى أن المؤسسات الدولية خفضت توقعاتها بشأن معدلات النمو الاقتصادي العالمي بعد انتشار فيروس كورونا، وتناولت تقديرات تلك المؤسسات، وتوقع دخول الاقتصاد العالمي في حالة من الركود، حيث سيكون هناك خسارة بواقع 2 نقطة مئوية في معدل الناتج المحلي الإجمالي على أساس سنوي، على أن يبدأ الاقتصاد العالمي في التعافي بحلول عام 2021، بينما ستفرض الأزمة ظلالها السلبية على العمالة والتوظيف.
وأوضحت الوزيرة أن توقعات المؤسسات الدولية تشير إلى أن أزمة كورونا قد تتسبب في انخفاض مُعدل نمو التجارة العالمية للعام 2020، من 2.3% إلى 0.4%، كما سيظهر آثر أزمة الديون العالمية في الوقت الحالي بصورة واضحة وسيؤثر على حجم التمويل والسيولة المتاحة في الأزمة الحالية، وسيكون للأزمة أثر سلبي على تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر بمعدل يتراوح ما بين 30% إلى 40%.
وبالإنتقال إلى التأثير المتوقع لأزمة انتشار فيروس كورونا على الاقتصاد المصري، أكدت الدكتورة هالة السعيد، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، أنه على الرغم مما تفرضه التغيرات المستمرة والمتسارعة من حالة عدم اليقين، فإن الحكومة تقوم على محاولة التنبؤ بالمسار الاقتصادي على المستوى المحلي، لافتة إلى أن احتمال استمرار تداعيات الأزمة عدة أشهر سيؤثر على معدلات نمو النصف الثاني من العام المالي الحالي (19/2020) وخصوصاً الرُبع الرابع من العام، موضحة أنه كان من المستهدف تحقيق معدل نمو بنهاية العام المالي الحالي يصل إلى 5.6%، إلا أنه من المتوقع أن يصل إلى %4.2 مع تباطؤ نمو الربع الثالث والرابع إلى 4.5% و1%على التوالي.
وأضافت الوزيرة أن العديد من الإجراءات يتم دراستها وبحثها حالياً للتعامل مع التداعيات الاقتصادية لأزمة فيروس كورونا المستجد، مشيرة إلى الاجراءات الاقتصادية التي اتخذتها نحو 193 دولة حول العالم. وتطرقت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية إلى الاجراءات الاقتصادية التي اتخذتها الدولة المصرية بالفعل للتعامل مع الأزمة، والتي تشمل اتاحة مخصصات للخطة الشاملة للتعامل مع الأزمة وتحسين معيشة المواطنين ومساندة العمالة، على رأسها توجيه رئيس الجمهورية بتخصيص 100 مليار جنيه لتمويل الخطة الشاملة للتعامل مع أي تداعيات محتملة لفيروس كورونا، واعلان البنك المركزي المصري مُبادرته لتخصيص مبلغ 50 مليار جنيه للتمويل العقاري لمتوسطي الدخل من خلال البنوك وشركات التمويل العقاري، ولمدة عشرين عاماً، فضلاً عن وقف قانون ضريبة الأطيان الزراعية لمدة عامين.
كما تتضمن الاجراءات خطوات دعم النشاط الاقتصادي ورفع القدرة الشرائية، من خلال خفض أسعار العائد الأساسية لدى البنك بواقع 300 نقطة اساس(3٪)، ليصبح سعري عائد الايداع والاقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية عند مستوى 9,25٪ و10,25٪ و9,75٪ على الترتيب، وسعر الائتمان والخصم عند المستوى 9,75٪، وذلك كإجراء استثنائي يسهم في دعم النشاط الاقتصادي بكافة قطاعاته، ومبادرة البنك المركزي للعملاء غير المنتظمين في السداد من الافراد الطبيعيين بهدف اقالتهم من عثرتهم لتمكينهم من التعامل مجدداً مع الجهاز المصرفي ورفع قدرتهم الشرائية وتعزيز الطلب المحلي، ويتم بموجب ذلك التنازل عن جميع القضايا المتداولة والمتبادلة لدى المحاكم فور اتفاق العميل مع بنك التعامل على شروط السداد، هذا بالإضافة إلى اجراءات تنشيط البورصة المصرية، ومن بينها تخصيص 20 مليار جنيه من البنك المركزي لدعم البورصة المصرية، وخفض ضريبة الدمغة لغير المقيمين لتصبح 0.125% بدلاً من 0.15%، وعلى المقيمين لتصبح 0.05% بدلاً من 0.15%، مع الإعفاء الكامل للعمليات الفورية على الأسهم من ضريبة الدمغة، وخفض سعر ضريبة توزيع الأرباح للشركات المقيدة بالبورصة بنسبة 50% لتصبح 5% بدلاً من 10%، فضلاً عن خطوات تيسير الحصول على الخدمات المصرفية، من خلال قيام البنوك بشكل فوري بإتاحة الحدود الائتمانية اللازمة لمقابلة تمويل العمليات الاستيرادية للسلع الأساسية والاستراتيجية بما يضمن تلبية طلبات الشركات المستوردة لها وعلى وجه الخصوص السلع الغذائية لتغطية احتياجات الأسواق، وكذلك إتاحة الحدود الائتمانية اللازمة لتمويل رأس المال العامل لصرف رواتب العاملين بالشركات، ودراسة ومتابعة القطاعات الأكثر تأثراً بانتشار الفيروس ووضع خطط لدعم الشركات العاملة بها.
كما تضمنت إجراءات متعلقة بدعم القطاعات الرئيسية المتضررة وفي مقدمتها الصحة من خلال توجيه رئيس الجمهورية بزيادة بدل المهن الطبية بنسبة 75% إلى جانب إنشاء صندوق مخاطر لأعضاء المهن الطبية، وإتاحة مليار جنيه لوزارة الصحة بشكل عاجل لتوفيرها الاحتياجات الأساسية من المستلزمات الوقائية. وقطاع الصناعة من خلال توحيد وخفض سعر الغاز الطبيعي للصناعة إلى 4.5 دولار/مليون وحدة حرارية، وتوفير مليار جنيه للمصدرين خلال شهري مارس وأبريل 2020 لسداد جزء من مستحقات برنامج دعم الصادرات. وقطاع السياحة عبر تأجيل دفع الضرائب العقارية للمصانع والمنشآت السياحية 3 أشهر أخرى، وشمول مبادرة التمويل السياحي التي اطلقها البنك المركزي لتتضمن استمرار تشغيل الفنادق وتمويل مصاريفها الجارية بمبلغ يصل إلى 50 مليار جنيه مع تخفيض تكلفة الإقراض لتلك المبادرة إلى 8%.
من جانبها عرضت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التعاون الدولى، مجهودات الوزارة فى التعامل مع تداعيات أزمة انتشار فيروس “كورونا”، مشيرة إلى أنه تم مؤخراً عقد اجتماع عبر تقنية “الفيديو كونفرانس”، مع مسئولى العديد من المنظمات التنموية الدولية والاقليمية فى مصر، والتى من بينها الأمم المتحدة، ومجموعة البنك الدولى، وبنك التنمية الأفريقى، ومجموعة البنك الإسلامى، والصندوق العربى للإنماء الاقتصادى والاجتماعى، والبنك الأوروبى لإعادة الإعمار والتنمية، وبنك الاستثمار الأوروبى، هذا إلى جانب مشاركة عدد كبير من ممثلى شركاء التنمية.
وأشارت الوزيرة إلى أن هذا الاجتماع، استهدف فى المقام الاول مناقشة سبل دعم أوجه التعاون الاقتصادى المشترك بين مصر وشركاء التنمية، وذلك فى ظل التحديات التى تفرضها ظروف انتشار فيروس “كورونا”، كما تطرق الاجتماع إلى الجهود المبذولة من جانب الدولة المصرية للتعامل مع هذا الفيروس، وذلك سعياً للحد من انتشاره، والتعامل مع التبعات والتداعيات الاقتصادية المترتبة على ذلك، كما تم التنويه إلى الاجراءات المالية والنقدية التى تم تطبيقها فى إطار التعامل مع تداعيات أزمة فيروس “كورونا”.وأضافت الوزيرة أنه تم التأكيد خلال الاجتماع على الاستمرار فى التنسيق والتعاون بين مختلف شركاء التنمية، بما يسهم فى تحقيق مستهدفات التنمية المستدامة 2030، كما هو مخطط.
وخلال الاجتماع، عرض الدكتور محمد معيط، وزير المالية، تداعيات انتشار وباء كورونا المستجد على النشاط الاقتصادى العالمي والمصري، فيما يتعلق بأهم مؤشرات المالية العامة والدين.
وفيما يخص التأثير المتوقع على مؤشرات الاقتصاد العالمي، أشار وزير المالية إلى أن الاسواق العالمية تعرضت لصدمات كبيرة مع سرعة انتشار فيروس كورونا، حيث تشير البيانات الى انخفاض المؤشرات الرئيسية لكافة البورصات العالمية وبورصات الدول الناشئة والدول العربية بشكل كبير يتراوح ما بين 20-30% خلال الربع الاول من عام 2020، منوهاً إلى أنه على الرغم من خفض تقديرات معدلات النمو للمنطقة ولكافة الدول الناشئة بما فيها مصر، الا أن تقديرات النمو لمصر تعتبر هى الاعلى على مستوى دول المنطقة وتتساوى تقريبا مع معدلات النمو المتوقعة للصين والهند.
وسلط وزير المالية الضوء على قيام مؤسسة فيتش للتصنيف الائتماني بتخفيض تقديراتها في بداية ابريل 2020 لمعدلات النمو العالمي، حيث تتوقع انكماش معدل النمو العالمي الى -1.9% بدلا من متوسط نمو بلغ 3% في السنوات الثلاث السابقة. كما خفضت مؤسسة ستاندرد اند بورز تقديراتها للنمو العالمي بتاريخ 31 مارس الى 0.4%، وأشار إلى أن 4 آلاف شركة دولية كبرى حتى 23 مارس (80% من الشركات الدولية الكبرى) قامت بخفض تقديراتها للإيرادات السنوية المتوقعة وبنسب مرتفعة بلغت 30% في المتوسط مما سيساهم في خفض التقديرات الخاصة بنسب وحجم استثمارات تلك الشركات وانفاقها الرأسمالي وبالتالي ستنخفض تدفقات الاستثمار الاجنبي المباشر بنحو 40-50%.
كما عرض وزير المالية تأثير انتشار فيروس كورونا المستجد على أهم المؤشرات الاقتصادية والمالية المصرية، مستعرضاً التأثر الذي حدث علي مؤشرات (مديري المشتريات، والإنتاج، والطلبات الجديدة)، وعلى نحو اخر، فان اقل القطاعات تاثرًا هما قطاع الاتصالات وتكونولوجيا المعلومات، والخدمات التعليمية.
كما تناول وزير المالية خلال الاجتماع أهم التحديات المالية القائمة والاجراءات المتخذة في قطاعات متنوعة من بينها: الصحة، والصناعة والتصدير، والبورصة المصرية، ومساندة الشركات والعاملين وزيادة دخول المواطنين، والسياحة والآثار، والطيران، والمقترحة لمساندة النشاط الاقتصادى والقطاعات والفئات المتضررة.
وفيما يخص تاثير إنتشار فيروس كورونا المستجد على مؤشرات المالية العامة والدين، أشار الوزير إلى أنه من المؤكد أن مؤشرات المالية ومعدلات ونسب المديونية ستتأثر سلباً نتيجة الأوضاع الراهنة وأهمها تراجع وتباطؤ معدلات النشاط الاقتصادي المحلى والعالمى، ولكن الأثر المالى يتوقف على الفترة الزمنية للازمة والإجراءات المتخذة. كما تناول وزير المالية السيناريوهات المستقبلية لعالم ما بعد كورونا وملامح المنظومة المالية العالمية.
الرابط المختصر: https://estsmararabe.com/?p=10436