جريدة الاستثمار العربى الان السوق يأتى اليك اقتصادية متخصصة
رئيس التحرير وليد عبد العظيم

تراجع الذهب رغم خفض الفائدة الأمريكية يثير علامات استفهام

أثار انخفاض أسعار الذهب عالميًا بعد قرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بخفض أسعار الفائدة، دهشة في الأوساط الاقتصادية، إذ من المعتاد أن يؤدي خفض الفائدة إلى تراجع جاذبية الدولار واتجاه المستثمرين نحو الذهب كملاذ آمن لحفظ القيمة، وهو ما لم يتحقق هذه المرة.

هذا التحرك غير المتوقع دفع إلى تزايد التساؤلات حول طبيعة سلوك المستثمرين في المرحلة الراهنة والدوافع المؤثرة على قراراتهم الاستثمارية، في ظل عالم يشهد متغيرات اقتصادية وجيوسياسية متسارعة، تُعيد يومًا بعد آخر تشكيل خريطة الاستثمار العالمي واتجاهات رؤوس الأموال.

حافظ: الأسواق تشهد مرحلة انتقالية في سلوك التحوط تجاه الذهب

قال هاني حافظ، الخبير المصرفي، إن العلاقة التقليدية بين أسعار الفائدة والذهب كانت دائمًا عكسية، إذ يؤدي خفض الفائدة الأمريكية عادة إلى تراجع جاذبية الدولار والعوائد على السندات، مما يدفع المستثمرين نحو الذهب كملاذ آمن.

وأوضح أن ما حدث مؤخرًا يمثل كسرًا لهذا النمط، حيث تراجعت أسعار الذهب رغم خفض الفائدة الأمريكية، وهو ما يعكس تغيرًا في طبيعة تفاعل الأسواق مع القرارات النقدية الأخيرة.

أضاف حافظ أن الأسواق كانت قد استبقت قرار الفيدرالي الأمريكي بخفض الفائدة، إذ قام المستثمرون ببناء مراكز شرائية في الذهب توقعًا لارتفاع الأسعار بعد القرار، لكن مع صدور الخفض دون إشارات قوية لدورة تيسير نقدي سريعة، اتجهت الأموال نحو جني الأرباح فانخفض الذهب بدلاً من أن يصعد.

Ads

وأشار إلى أن تصريحات الفيدرالي التي أبدت حذرًا في وتيرة خفض الفائدة المستقبلية دعمت الدولار، ما زاد الضغط على أسعار الذهب عالميًا.

لفت الخبير المصرفي إلى أن ما يحدث لا يمكن فصله عن التحولات الجيوسياسية والضبابية الاقتصادية العالمية، موضحًا أن المستثمرين لم يعودوا يعتمدون على الذهب كملاذ وحيد، بل أصبح هناك توجه نحو أدوات مالية أخرى توفر عوائد مستقرة بمخاطر محدودة، مع استمرار الطلب على الأصول الدولارية كخيار آمن في فترات التباطؤ الاقتصادي.

وعن تأثير خفض الفائدة المحتمل من البنك المركزي المصري، أوضح حافظ أن أسعار الذهب في السوق المحلية تتأثر بالعوامل الدولية وسعر الصرف المحلي معًا. وأشار إلى أنه في حال خفض المركزي الفائدة، فقد تتجه السيولة نحو الأصول الحقيقية مثل الذهب والعقارات، لغياب البدائل الادخارية القادرة على الحفاظ على القيمة الشرائية للنقود.

إلا أنه أكد أن استقرار سعر الصرف وعدم زيادة الطلب على الدولار قد يحد من تأثير خفض الفائدة على أسعار الذهب محليًا، خاصة في ظل التراجع العالمي الراهن في الأسعار.

اختتم حافظ تصريحاته بالتأكيد على أن الأسواق تمر حاليًا بمرحلة انتقالية في سلوكها تجاه أدوات التحوط، إذ لم تعد القرارات النقدية وحدها هي المحدد لاتجاهات الذهب، بل أصبحت التوقعات المسبقة وقوة الدولار وحركة رؤوس الأموال مجتمعة هي العوامل الحاسمة.

وأضاف أن خفض الفائدة سواء في الولايات المتحدة أو في مصر لن يؤدي تلقائيًا إلى ارتفاع الذهب كما كان يحدث في السابق، بل سيتوقف ذلك على توازن التوقعات وثقة المستثمرين في استقرار العملة المحلية وتوجه السيولة نحو الأصول البديلة.

حسانين: الذهب يمر بمرحلة تصحيح مؤقتة تمهد لقمة تاريخية جديدة في 2026

قال عز الدين حسانين، الخبير الاقتصادي، إن تراجع أسعار الذهب بعد قرار الفيدرالي الأمريكي بخفض الفائدة يُعد أمرًا مخالفًا للمنطق الاقتصادي المعتاد، إذ كان المتوقع أن ترتفع الأسعار مع تراجع الدولار وزيادة جاذبية الذهب.

وأضاف أن الانخفاض الأخير لا يمثل انهيارًا بل هو مرحلة تصحيح طبيعية في مسار الصعود.

وأوضح أن جني الأرباح حدث بالفعل عند تراجع الذهب بنحو 9% من مستوى 4300 دولار، بينما يُعد النزول الحالي بنسبة تتراوح بين 10% و20% تصحيحًا وليس انهيارًا، لأن الهبوط لم يصل إلى 25% أو 30% من القمة، مما يؤكد أن الفقاعة لم تنفجر بعد.

وأشار حسانين إلى أن التصحيح الحالي يعود إلى تباطؤ وتيرة الشراء من المستثمرين وصناديق الاستثمار والبنوك المركزية بعد فترة من المشتريات المكثفة، موضحًا أن بعض البنوك المركزية وصلت بالاحتياطيات الذهبية إلى 15%–25% من إجمالي احتياطياتها الأجنبية، بينما المعدل الطبيعي يدور حول 10%.

هذا التوقف المؤقت عن الشراء ساهم في كسر نقطة الدعم 4000 دولار للذهب، لينخفض السعر إلى نحو 3900 دولار للأوقية.

وأكد حسانين أن المؤشرات الأساسية الداعمة لصعود الذهب ما زالت قائمة، مرجحًا أن يعاود المعدن الأصفر الصعود خلال الأسابيع أو الشهرين المقبلين، ليستعيد مستوياته السابقة عند 4300 دولار ويتجاوزها إلى قمة جديدة قد تصل إلى 5000 دولار في النصف الأول من عام 2026.

واستبعد الخبير الاقتصادي حدوث انهيار في الأسعار، مشيرًا إلى أن الوصول إلى مستويات 3700 أو 3500 دولار فقط سيكون إشارة على بداية الانهيار الحقيقي، وهو احتمال ضعيف في ظل العوامل الحالية.

وتوقع حسانين أن تشهد الفترة المقبلة مزيدًا من التدفقات إلى أذون الخزانة والسندات الحكومية بما يدعم استقرار سعر الصرف وتحركات رؤوس الأموال في الأسواق الناشئة، متأثرًا بمسار الذهب والدولار عالميًا.



يوسف: الذهب عيار 21 مرشح للهبوط دون 5000 جنيه بنهاية 2025

توقع عيد يوسف، رئيس شعبة الذهب بالغرفة التجارية بالمنوفية، استمرار تراجع أسعار الذهب عالميًا خلال الفترة المقبلة، مرجحًا أن ينخفض سعر جرام الذهب عيار 21 في السوق المحلية إلى ما دون مستوى 5000 جنيه بنهاية العام الجاري.

وأوضح يوسف أن أسعار الذهب شهدت تراجعًا ملحوظًا خلال الأسبوع الماضي بعدما قفزت في منتصف الشهر إلى مستويات تراوحت بين 5700 و5800 جنيه لعيار 21، مشيرًا إلى أن السبب الرئيسي وراء هذا التراجع هو تهدئة التوترات الجيوسياسية العالمية، خاصة ما يتعلق بالحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين.

وأضاف أن بدء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب زيارات خارجية وتوقيع اتفاقيات اقتصادية مع عدد من الدول أسهم في تهدئة الأسواق، متوقعًا أن يساهم اللقاء المرتقب بين الرئيسين الأمريكي والصيني، والزيارة المقبلة للرئيس الروسي، في استمرار الاتجاه الهابط لأسعار الذهب عالميًا.

وأكد يوسف أن تأثير خفض الفائدة من قبل الفيدرالي الأمريكي كان محدودًا مقارنة بتأثير العوامل الجيوسياسية، مشيرًا إلى أنه من الطبيعي أن يؤدي خفض الفائدة إلى ارتفاع أسعار الذهب، لكن حالة الهدوء السياسي العالمي طغت على هذا الأثر.

وأشار إلى أنه حتى في حال قيام البنك المركزي المصري بخفض أسعار الفائدة خلال اجتماعه المرتقب في 20 نوفمبر المقبل، فلن ينعكس ذلك على السوق المحلي بشكل مباشر، لأن أسعار الذهب في مصر مرتبطة بالأسعار العالمية في المقام الأول.

أسعار الذهب عالميًا

تراجعت أسعار الذهب بنحو 23 دولارًا خلال تعاملات اليوم الخميس 30 أكتوبر 2025، متخلية عن معظم المكاسب التي حققتها في الجلسة السابقة، مع تقييم المستثمرين لتصريحات رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي جيروم باول بشأن مستقبل السياسة النقدية.

كان الاحتياطي الفيدرالي قد قرر خفض سعر الفائدة القياسي لليلة واحدة بمقدار ربع نقطة مئوية ليصل إلى نطاق يتراوح بين 3.75% و4%، في ثاني خفض للفائدة هذا العام، وهو ما جاء متوافقًا مع توقعات الأسواق.
ورغم أن قرار الخفض كان متوقعًا، فإن الأسواق بدأت في إعادة تقييم توقعاتها لمسار السياسة النقدية خلال الفترة المقبلة بعد تصريحات باول، التي فسّرها بعض المستثمرين بأنها قد تشير إلى تباطؤ وتيرة التيسير النقدي في الاجتماعات القادمة.

كانت أسعار الذهب قد أنهت جلسة الأربعاء 29 أكتوبر على ارتفاع بنحو 38 دولارًا، وهو أول صعود بعد 4 جلسات من الهبوط، مدعومة بإعلان خفض الفائدة الأمريكية الذي عزز حينها من إقبال المستثمرين على المعدن النفيس.