اعتادت الدولة أن توفر الدعم لقطاع الصناعة من خلال تهيئة مناخ الاستثمار وتطوير البنية التحتية، واستغلال وفرة المواد الخام والأيدي العاملة والسوق المحلي والفرص التصديرية، لكن جاء قرار رفع أسعار الوقود بنسبة تصل إلى 13% في ثاني زيادة هذا العام على أن تُثبت الأسعار لمدة عام كامل، ليثير جدلًا بين المصنعين.
وأكد البعض أن الزيادة ستكون طفيفة، بينما أبدى آخرون تخوفهم من ركود محتمل في ظل معدلات التضخم الحالية. واتفق الخبراء على أن الزيادة تؤثر بشكل مباشر على بعض الصناعات، وبشكل غير مباشر على جميع الصناعات عبر تكلفة النقل، ليكون المواطن صاحب الدخل الثابت الأكثر تضررًا.
الخشن: زيادة محدودة في أسعار الأسمدة سيتحملها المستهلك
قال محمد الخشن رئيس مجلس إدارة مجموعة إيفرجرو للأسمدة إن تأثير زيادة الوقود على سوق الأسمدة سيكون محدودًا، لأن الغاز الطبيعي هو الأساس في الصناعة الآزوتية. وأوضح أن تكلفة النقل قد ترتفع بين 300 و500 جنيه للطن، وهي زيادة بسيطة، خاصة أن السماد مدعم وما زالت أسعاره بعيدة عن السعر العالمي.
وأضاف لـ”الاستثمار العربي” أن الزيادة سيتحملها المستهلك، مؤكدًا أن الأسعار الحالية كافية لتعويض أي تكلفة إضافية والفلاح يخسر في بعض السلع.
مبروك: ارتفاع مرتقب في الأجهزة الكهربائية مما يتعارض مع مبادرة الدولة لتقليل الأسعار
وقال حسن مبروك رئيس شعبة الأجهزة الكهربائية باتحاد الصناعات إن أسعار الأجهزة الكهربائية سترتفع، مشيرًا إلى أن نسبة الزيادة لم تُحدد بعد ولكنها ستكون محسوبة ومبررة.
وأضاف لـ”الاستثمار العربي” أن القرار يتعارض مع مبادرة الدولة لتقليل الأسعار، خاصة مع ارتفاع متوقع بين 5% و6% نتيجة فرض رسوم وارد على الصاج المستخدم في الصناعة.
وأوضح أن نقل العمالة سيرفع تكلفة الإنتاج، مؤكدًا أن زيادة الأسعار ليست في صالح المصنع في ظل الركود الحالي، مما قد يدفع البعض لتحمل جزء من الزيادة.
عامر: مصانع الإسمنت تستخدم الكهرباء والزيادة طفيفة ولن تربك السوق
وأوضح رضا عامر عضو جمعية المستثمرين الصناعيين أن زيادة الوقود بنسبة 13% لن تؤثر بشكل كبير على صناعة الإسمنت، لأن 99.9% من المصانع تعتمد على الكهرباء.
وأضاف لـ”الاستثمار العربي” أن التأثير يقتصر على النقل والعمالة، مؤكدًا أن الزيادة ستكون طفيفة وموزعة بين المصنع والمستهلك ولن تربك السوق.
عباسي: الوقود سيرفع مصنعية الذهب ولا نستطيع توحيد قيمة الزيادة
وأكد رفيق عباسي، رئيس شعبة المشغولات الذهبية، أن سعر الذهب الخام لن يتغير لأنه مرتبط بالسوق العالمي، لكن المصنعية سترتفع بسبب زيادة تكلفة الإنتاج، من كهرباء ونقل وأجور وخامات.
وأوضح لـ” الاستثمار العربي” أن الزيادة ليست موحدة لأن كل قطعة ذهب تختلف في وقت وتكلفة ونوع التشطيب، خصوصًا المشغولات المرصعة التي ترتفع تكلفة مصنعيتها بصورة أكبر.
ديلاور: المتضرر الأكبر هو المستهلك وليس المصنع
وقال شريف ديلاور، أستاذ الاقتصاد بالجامعة الأمريكية، إن تأثير الزيادة يختلف حسب نوع الصناعة، لكن المتضرر الأكبر هو المستهلك ذو الدخل الثابت، بينما أصحاب الأعمال والمهن الحرة يعوضون التكلفة برفع أسعار منتجاتهم.
وأضاف لـ”الاستثمار العربي” أن بعض السلع ستشهد ركودًا بسبب تراجع القوة الشرائية، ما قد يدفع المصانع والتجار إلى خفض هامش الربح لتجنب تراجع المبيعات.
النجار: النقل هو المؤثر الأكبر.. والزيادة لن تكون لها تأثير كبير على التضخم
وقال محمد النجار، الخبير الاقتصادي، إن هناك أكثر من معيار لتحديد تأثير ارتفاع الوقود على الصناعة، أهمها أن زيادة الأسعار شملت بنزين السيارات والغاز الطبيعي للمنازل والسيارات، ولكن الغاز الموجه للمصانع له سياسة مختلفة لا تنطبق عليه الزيادة.
ولفت إلى أن الصناعات كثيفة الطاقة، مثل الألمونيوم والحديد والكيماويات ومواد البناء ستتأثر بشكل مباشر وقوي، مما سينعكس على أسعار منتجاتها.
وأشار إلى أن النقل هو المؤثر الأكبر الذي سيشمل تأثيره جميع الصناعات، وبالتالي سترتفع أسعارها، موضحًا أن تحمل المصنع أو المستهلك للتكلفة سيحكم فيه مدى حساسية السلع للتضخم وكذلك مدى أهميتها للعميل، فكلما زادت أهمية السلعة كلما تحمل المستهلك الجزء الأكبر من زيادة تكلفة إنتاجها.
وتابع: “معظم الذهب يوجد في مناطق بعيدة مثل الواحات البحرية وأسوان، مما يعني تكلفة مرتفعة للنقل، وبالتالي يتم تحميل الزيادة على المصنعية، التي تمثل جزء بسيط من سعر الذهب وتزيد باستمرار مع زيادة أسعاره”.
وذكر أن هناك سلع تخضع لتسعير إجباري من الدولة، فيتحمل المصنع الزيادة بالكامل مثل السجائر، أو يشارك الحكومة مثل الخبز.
وبشكل عام، يرى النجار أن الزيادة الأخيرة في أسعار الوقود لن يكون لها تأثير كبير على تضخم الأسعار الحالي.
قيمة زيادة أسعار الوقود
وشملت الزيادات جميع أنواع البنزين والسولار بواقع جنيهين للتر؛ حيث ارتفع سعر بنزين 95 من 19 إلى 21 جنيهًا، وبنزين 92 من 17.25 إلى 19.25 جنيهًا، وبنزين 80 من 15.75 إلى 17.75 جنيهًا، والسولار من 15.5 إلى 17.5 جنيهًا، كما ارتفع سعر غاز السيارات من 7 إلى 10 جنيهات للمتر المكعب.
الرابط المختصر: https://estsmararabe.com/?p=448850
