يُعد البناء الأخضر خلال الفترة الحالية أحد توجهات الدولة الرئيسة، تماشيًا مع المعايير العالمية للبناء المستدام، ويأتي ضمن جهود ترشيد استهلاك الطاقة والحفاظ على الموارد الطبيعية وتقليل الهدر. ويعتمد هذا التوجه على عدة محفزات، منها التمويلات منخفضة الفائدة والحوافز العمرانية التي تقدمها الدولة للمطورين، بهدف تشجيع استخدام تقنيات البناء الصديقة للبيئة.
رغم ذلك، لم تشهد مصر بعد تجربة كاملة للبناء الأخضر على نطاق واسع، ويرجع ذلك إلى ارتفاع تكاليف تنفيذ هذه المشروعات مقارنة بالمباني التقليدية، والتي قد تصل إلى 20 إلى 30%، نظرًا لاعتمادها على مواد وتقنيات خاصة تتوافق مع معايير الاستدامة، لكنها توفر عوائد طويلة الأمد على مستوى استهلاك الطاقة وخفض التكاليف التشغيلية، فضلًا عن الفوائد البيئية والاجتماعية المرتبطة بها.
فكري: مشروعات البناء الأخضر ما زالت في المناقشة ولم تمتلك الدولة حتى الآن تجربة كاملة
قال علاء فكري، رئيس مجلس إدارة شركة بيتا إيجيبت للتطوير العقاري، إن مشروعات البناء الأخضر في مصر ما زالت في مرحلة المناقشة ولم تمتلك الدولة حتى الآن تجربة كاملة في هذا المجال.
وأضاف في تصريحات خاصة لـ”الاستثمار العربي” أن الدولة تقدم حوافز للمشروعات الخضراء، إلى جانب حوافز تمويلية، حيث تقدم بعض الجهات الأجنبية تمويلات للبنوك لتقديم قروض للمطورين الذين يتبعون أساليب البناء الأخضر، على أن يحصل المبنى على شهادة مطابقة للمعايير عند انتهاء أعمال البناء. وتتميز هذه القروض بانخفاض الفائدة عليها بما يتراوح بين 4 و5% عن الفائدة العادية للبنوك.
وافق مجلس إدارة هيئة المجتمعات العمرانية على توفير حزمة من الحوافز العمرانية لتشجيع المطورين العقاريين على التوجه نحو البناء الأخضر المستدام، بهدف خلق بيئة عمرانية صديقة للبيئة في المدن الجديدة.
وتُطبق هذه التيسيرات على المشروعات الجديدة أو التي لم تتجاوز نسبة إنجازها 20%، وكذلك على المشروعات التي تتعدى مساحتها 50 فدانًا، وفقًا لنظام المراحل التنموية بحيث تُطبق على المراحل التي لم تبدأ بعد، دون العمل بها بأثر رجعي.
وأشار فكري إلى أن بعض الدول تتبنى مشروعات البناء الأخضر نظرًا لانخفاض استهلاك الكهرباء إلى حد الصفر، أما في السوق المصري، فالاعتماد على الكهرباء منخفضة التكلفة يجعل المطور غير مضطر إلى استخدام حلول توليد الطاقة الخاصة.
وأضاف أن الدولة هي المستفيد الأول من هذا الاتجاه، إذ يقلل استخدام الطاقة الشمسية وغيرها من أساليب البناء الأخضر من تكاليف الخدمات العامة، مثل بناء محطات الكهرباء. لكنه لفت إلى أن هذه المشروعات تواجه تحديات في السوق المحلي، نظرًا لارتفاع تكلفتها وضعف انتشار وعي المستهلك بأهمية البناء الأخضر، ما قد يحد من قبولها بين العملاء.
الشيخ: البناء الأخضر أصبح “ترند” الدولة ومتطلبًا عالميًا للبناء خلال الفترة الحالية
من جانبه، أكد علاء الشيخ، رئيس القطاع التجاري بشركة تسلا للتطوير العقاري، أن اتجاه البناء الأخضر أصبح “ترند” الدولة ومتطلبًا عالميًا للبناء خلال الفترة الحالية، مشيرًا إلى أن الشركات بدأت تبني وفق هذا الاتجاه، إلا أن الوعي لدى العميل النهائي لم يصل بعد، مما يستلزم تنفيذ حملات توعية للتعريف بمزايا هذه المشروعات، بحسب تصريحاته لـ”الاستثمار العربي”.
وأضاف الشيخ أن مشروعات البناء الأخضر ستشهد زيادة في الإقبال والاستثمار خلال الفترة القادمة، نظرًا لاعتمادها على مواد صديقة للبيئة، وقدرتها على توفير الكهرباء والمياه، وهو ما يجعلها جذابة للمطورين في ظل أزمة المياه الحالية.
وأشار إلى أن معايير البناء الأخضر تُطبق حاليًا على عدد محدود من المشروعات في مصر، وأغلبها مشروعات تجارية، حيث تساهم الشهادات التي تثبت مطابقة المباني لمعايير البناء الأخضر في زيادة قيمة الإيجار عند التأجير للشركات العالمية. كما أضاف أن أسعار الوحدات ترتفع بما يتراوح بين 20 و30% بسبب اعتماد المباني على أنظمة تصميم خاصة، تشمل واجهات معينة، وأسقف محددة، وغرف تحكم ذات طبيعة تقنية متقدمة.
الحداد: تكلفة المشروعات المستدامة أعلى من التقليدية لكنها ليست كبيرة
أكد أحمد الحداد، الخبير العقاري، أن تكلفة بناء المشروعات المستدامة أعلى من المشروعات التقليدية، لكن الفارق ليس كبيرًا، مشيرًا إلى أن بنود التنمية المستدامة متعددة وتختلف باختلاف كل مشروع وعدد المكونات التي يستخدمها.
وأضاف أن هذه التكاليف الإضافية تعود بالنفع على المدى الطويل من خلال تقليل استهلاك الخدمات مثل الكهرباء والمياه، فضلًا عن كونها أكثر فائدة للبيئة، بحسب تصريحاته لـ”الاستثمار العربي”.
وأشار الحداد إلى أن مبادرة الدولة بتقديم حوافز وتحديد عدد من المدن كمدن خضراء تدعم القطاع العقاري وتشجع على زيادة الإقبال على الوحدات المستدامة، والتي ما زالت أقل من المتوقع. وتوقع أن تشهد هذه المشروعات زيادة في الطلب خلال عام 2026، خاصة إذا تم تسليط الضوء على فوائدها من خلال حملات توعية توضح للمطورين العائد المالي والبيئي لهذه المشروعات.
ولفت إلى أن هيئة المجتمعات العمرانية اعتمدت عددًا من المدن الجديدة كمدن خضراء، ومنها القاهرة الجديدة، دمياط الجديدة، العلمين الجديدة، المنصورة الجديدة، والعاصمة الجديدة، اعتبارًا من 30 يونيو 2026. وسيكون اعتماد إحدى شهادات العمران الأخضر مثل الهرم الأولي، الهرم البرونزي، أو الهرم الفضي إلزاميًا لكل المشروعات، مع منح الحوافز وفقًا للشهادة الممنوحة للمشروع.
الرابط المختصر: https://estsmararabe.com/?p=463913
