أعلن صندوق النقد الدولي التوصل إلى اتفاق على مستوى الخبراء بشأن الانتهاء من المراجعتين الخامسة والسادسة ضمن برنامج تمويل مصر البالغ 8 مليارات دولار، إضافة إلى المراجعة الأولى في إطار «برنامج الصمود والاستدامة»، بما يمهد الطريق أمام مصر للحصول على تمويلات بقيمة 2.7 مليار دولار.
هولار: مصر أظهرت مؤشرات نمو قوية رغم التحديات وحالة عدم اليقين العالمي
وبحسب تصريحات فلادكوفا هولار، رئيسة بعثة الصندوق إلى مصر، فإن الاقتصاد المصري أظهر مؤشرات نمو قوية رغم التحديات الإقليمية وحالة عدم اليقين العالمي.
وأوضحت أن صرف التمويلات مرتبط بتنفيذ إصلاحات تتعلق ببرنامج طروحات الشركات الحكومية وخفض دعم الوقود، بما يتيح صرف دفعات المراجعتين الخامسة والسادسة بقيمة 2.5 مليار دولار، إلى جانب 274 مليون دولار تمثل الشريحة الأولى من برنامج الصمود والاستدامة.
جاب الله: الاتفاق لا يُتوقع أن يفرض الاتفاق أعباء جديدة على المواطن
وقال وليد جاب الله، الخبير الاقتصادي وعضو الجمعية المصرية للاقتصاد والإحصاء، إن الاتفاق مع صندوق النقد الدولي على مستوى الخبراء يتعلق بإتمام المراجعتين الخامسة والسادسة لبرنامج مصر مع الصندوق، مشيرًا إلى أن اعتماد الاتفاق من مجلس إدارة الصندوق سيمكن مصر من الحصول على نحو 2.4 مليار دولار ضمن التسهيل الممتد.
وأوضح جاب الله لـ”الاسنثمار العربي” أن الاتفاق من المتوقع أن ينعكس إيجابًا على علاقات مصر مع العديد من مؤسسات التمويل التنموي الدولية، المرتبطة ببرامج تمويل وتنمية مع الدولة المصرية.
وأشار الخبير الاقتصادي إلى أنه لا يُتوقع أن يفرض الاتفاق أعباء جديدة على المواطن، مؤكدًا أن الصندوق يشدد على أهمية تطوير برامج الحماية الاجتماعية، وأن التركيز الحالي ينصب على تحسين بيئة الأعمال، وخفض تدخل الدولة في النشاط الاقتصادي، ودفع برنامج الطروحات الحكومية، وهي إجراءات فنية لا تمس المواطن بشكل مباشر.
واختتم جاب الله بأن هذه الخطوة تعكس استمرار مصر في مسارها الإصلاحي، الذي مكنها من امتصاص العديد من الأزمات خلال السنوات الماضية، متوقعًا أن يشهد عام 2026 أداءً اقتصاديًا أفضل مقارنة بالسنوات الثلاث السابقة، مع انطلاقة أوسع للنشاط الاقتصادي.
أنيس: تأجيل برنامج الطروحات كان مفهومًا من جانب الصندوق في ظل الاضطرابات الإقليمية
وقال محمد أنيس، الخبير الاقتصادي وعضو الجمعية المصرية للاقتصاد والإحصاء والتشريع، إن تعافي عدد من القطاعات الرئيسية انعكس بشكل مباشر على مؤشرات النمو، موضحًا أن الربع الأخير سجل أعلى زيادة في إجمالي الناتج القومي بنسبة 4.4%، وهي نسبة لم تتحقق خلال الثلاث إلى الأربع سنوات الماضية، بما يعكس تحسنًا واضحًا في معدل النمو.
وأوضح أنيس لـ”الاسنثمار العربي” أن صندوق النقد الدولي ركز على الإصلاحات المالية والنقدية التي جرى تنفيذها خلال العامين الماضيين، من خلال ضبط الإنفاق الحكومي وزيادة الإيرادات الضريبية دون رفع نسب الضرائب، عبر توسيع القاعدة الضريبية وتسهيل الإجراءات، مع الحفاظ على الانضباط المالي وتقليص حجم الاستثمارات العامة مقارنة بما كان عليه الوضع قبل بدء تنفيذ البرنامج.
وأشار إلى أن الإصلاح النقدي كان عنصرًا مهمًا، وتم تنفيذه بكفاءة عالية من قبل البنك المركزي، من خلال التركيز على السيطرة على التضخم بدلًا من تثبيت سعر الصرف، مع الالتزام بمرونة سعر الصرف وفق آليات العرض والطلب ومراعاة احتياجات السوق، لافتًا إلى أنه جرى تأجيل الحديث عن الإصلاحات الهيكلية وتخارج الدولة من الاقتصاد، على عكس التجارب السابقة.
وأكد أن الإصلاحات المالية والنقدية انعكست على قطاعات يقودها القطاع الخاص، وفي مقدمتها القطاع الصناعي، حيث سجلت الصادرات المصرية خلال 2025 مستوى قياسيًا بلغ نحو 48 مليار دولار، أغلبها من الصادرات السلعية غير النفطية. كما حقق قطاع السياحة إيرادات قياسية وصلت إلى 18 مليار دولار، مدفوعة في الأساس بالاستثمارات الخاصة.
وأوضح أنيس أن تأجيل برنامج الطروحات خلال السنوات الماضية كان مفهومًا من جانب صندوق النقد ولجنة الخبراء، في ظل الاضطرابات الإقليمية التي صعّبت عمليات التسعير وجذب مستثمرين استراتيجيين قادرين على التوسع، وضمان استمرارية النشاط وعدم الاكتفاء ببيع وحدة إنتاجية واحدة.
وشدد على أن الإصلاحات الهيكلية تمثل الضامن الحقيقي لاستدامة النشاط الاقتصادي، موضحًا أن الإصلاحات المالية والنقدية تمنح دفعة مؤقتة تمتد من 3 إلى 5 سنوات، بينما يتطلب تحقيق نمو طويل الأجل استمرار الإصلاحات الهيكلية لفترة تتراوح بين 10 و15 سنة.
وأشار إلى أن التوقيت الحالي يعد مناسبًا لتنفيذ الإصلاحات الهيكلية، في ظل كفاية الإيرادات الدولارية منذ أغسطس وسبتمبر لتغطية الاحتياجات دون وجود فجوة تمويلية أو الحاجة للاقتراض، محذرًا من أن عدم استغلال هذه الفرصة قد يعرض الاقتصاد لمخاطر في حال حدوث صدمات خارجية.
وأضاف أنيس أن أسعار النفط العالمية تشهد فائضًا في المعروض، مع مستويات سعرية تتراوح بين 60 و62 دولارًا للبرميل، وهي مستويات مناسبة للموازنة العامة المصرية، متوقعًا عدم رفع أسعار المحروقات خلال العام المقبل. وأكد أهمية توقيع عقود تحوط متوسطة الأجل تتراوح بين 3 و5 سنوات عند المستويات السعرية الحالية، تحسبًا لارتفاع الأسعار مستقبلًا إلى نطاق 80–90 دولارًا للبرميل.
الرابط المختصر: https://estsmararabe.com/?p=468146
