جريدة الاستثمار العربى الان السوق يأتى اليك اقتصادية متخصصة
رئيس التحرير وليد عبد العظيم

ما الآلية التي ستتبعها الحكومة لتخارجها من الشركات التابعة؟

أعلنت الحكومة المصرية عن البدء في إتمام برنامج الطروحات الحكومية في البورصة، بالتزامن مع زيارة بعثة صندوق النقد الدولي المرتقبة خلال الأسابيع المقبلة لاستكمال المراجعتين الخامسة والسادسة في برنامج مصر مع صندوق النقد الدولي، والتي من المقرر أن يتم الإعلان رسميًا عن موعدها من قبل الحكومة المصرية خلال الأسبوع الجاري، في وقت تستبعد فيه التوقعات أن يكون الهدف من الزيارة مناقشة تحرير أو زيادة أسعار السلع.

ويرجح اقتصاديون أن تركز البعثة هذه المرة على ملف تخارج الجهات السيادية من بعض القطاعات الاقتصادية، في ظل تقديرات تشير إلى أن مساهمة المؤسسات التابعة للدولة في الاقتصاد تبلغ نحو 30%، وهو ما يتعارض مع توجهات صندوق النقد الدولي الداعمة لاقتصاد السوق الحر.

أثار ذلك التساؤلات حول كيفية طرح تلك الشركات، حيث عدد الخبراء الاحتمالات والطرق، مؤكدين أن الحكومة قد تلجأ إلى مستثمر استراتيجي مع تجنب الطرح العام في السوق الثانوي، أو التخارج من تلك الشركات بالكامل، فتصبح شركات تابعة كليًا للقطاع الخاص، مع اعتبار احتمالية اللجوء للطرح العام لنسبة بسيطة من الأسهم، أو ربما تلجأ الدولة إلى توسيع المفاوضات مع “صندوق النقد الدولي” وطرح أفكار بديلة حتى لا ترفع الدولة يدها عن تلك الشركات، مؤكدين أن جميع الحلول متاحة.

عبد الهادي: الحكومة قد تتخارج كليًا من بعض الشركات.. والبورصة تمر بأزهى فتراتها

ذهب محمد عبد الهادي، مدير شركة “وثيقة لتداول الأوراق المالية”، إلى أن الحكومة المصرية قد تلجأ لطرح كامل أسهمها في بعض الشركات التابعة لها، لتصبح بذلك شركات قطاع خاص بشكل كلي بعد طرح 100% من أسهمها، وتخارج الحكومة منها.

وأضاف عبد الهادي أن صندوق النقد الدولي يضغط على الحكومة المصرية لتحقيق معيارين أساسيين هما: رفع الدعم ورفع يد الدولة عن الاقتصاد، مشيرًا إلى أن الحكومة التزمت فعليًا بخفض الدعم، ورفعت أسعار الوقود مؤخرًا رغم عدم مطالبة الصندوق بذلك في المرحلة الحالية، لتقليل عجز الموازنة العامة. وأوضح أن الحكومة أجّلت عملية التخارج من الشركات إلى حين توافر ظروف اقتصادية تضمن نجاح الطروحات وتحقيق أفضل عائد ممكن.

وأشار عبد الهادي إلى أن تأخر تنفيذ الطروحات خلال السنوات الماضية جاء نتيجة الأزمات العالمية المتلاحقة، بدءًا من جائحة كورونا مرورًا بالحرب الروسية الأوكرانية، ثم الحرب الإسرائيلية على غزة، وما تبعها من اضطرابات جيوسياسية وتأثيرات اقتصادية عالمية.

وأكد أن الظروف الحالية باتت مواتية لإتمام الطروحات، في ظل ارتفاع قيم التداول اليومية بالبورصة المصرية من مستويات تتراوح بين 2 و3 مليارات جنيه إلى نحو 6 و7 مليارات جنيه، ما يعكس تحسن النشاط وسيولة السوق.

وأوضح عبد الهادي أن البورصة المصرية تمر حاليًا بأزهى فتراتها، وتبدو مهيئة لاستقبال طروحات جديدة، مشيرًا إلى أن عدم استغلال هذا التوقيت قد يؤدي إلى فقدان فرصة مثالية لنجاح الطروحات.

ولفت إلى أن السوق بحاجة لتعويض خروج عدد من الشركات الكبرى مثل “حديد عز” و”الدخيلة” و”المهن الطبية” و”أوراسكوم”، وهو ما يجعل إدراج شركات جديدة خطوة ضرورية لتعزيز عمق السوق وتنشيط التداولات.

Ads

حسن: اختيار مستثمرين استراتيجيين دون طرح عام هو الاحتمال الأقرب

رجح هشام حسن، مدير شركة “فاينانس كوتش” ومحلل أسواق المال، أن تتجه الدولة لاختيار مستثمرين استراتيجيين للاستحواذ المباشر على حصص في تلك الشركات دون طرح عام في السوق، موضحًا أن هذا النمط من الاستثمار يضمن وضوح الرؤية وانضباط التعامل، خاصة أن الحكومة لا تسعى إلى جذب مستثمرين محليين، إذ يمكنها تدبير السيولة المحلية بوسائل أخرى مثل الصكوك وأذون الخزانة، بينما الهدف الرئيسي من الطروحات هو جذب العملة الصعبة.

وأشار إلى أن أغلب عمليات بيع الأصول الحكومية في السنوات الأخيرة تمت عبر صفقات استحواذ مباشرة دون طرح الأسهم في السوق الثانوي، مؤكدًا أن البورصة المصرية تسير في اتجاه صاعد مدعوم بتنوع أدواتها الاستثمارية، وتطوير بنيتها التحتية والتكنولوجية دون الحاجة بالضرورة إلى طروحات جديدة.

وأضاف حسن أن الضغوط التي يمارسها صندوق النقد الدولي على مصر منذ سنوات لتنفيذ برنامج الطروحات لم تثمر بعد، مستشهدًا بمثال طرح “بنك القاهرة” الذي لم يتم منذ عام 2018 رغم الإعلان المتكرر عنه.

واعتبر أن الحكومة قد تتراجع عن تنفيذ الطروحات في ظل تراجع قيم الأصول بعد انخفاض قيمة الجنيه أمام الدولار، مما يجعل البيع في الوقت الحالي غير مجدٍ اقتصاديًا.

وأكد أن الدولة تمتلك بدائل أفضل لتعزيز مواردها مثل تنمية القطاع الساحلي وزيادة الاستثمارات السياحية والفندقية، مشيرًا إلى أن تلك القطاعات باتت أكثر قدرة على جذب العملة الأجنبية وتحقيق عائدات مستقرة للدولة في المدى المتوسط.

زينة:  طروحات محتملة في السوق العام لتمويل مشروعات الشركات وتطويرها

قال بهاء زينة، خبير أسواق المال، إن الحكومة المصرية قد تنتهي من تنفيذ خطة الطروحات المعلنة خلال الفترة بين عامي 2026 و2027، موضحًا أن طرق الطرح ستتباين بين بيع حصص لمستثمرين استراتيجيين في بعض الشركات، وطرح نسب لا تتجاوز 30% من أسهم شركات أخرى في السوق العام، مشيرًا إلى أن الدولة تستهدف في الوقت الراهن تعزيز الاستثمار في البورصة.

وأوضح زينة أن الطروحات المرتقبة ستصب في مصلحة الشركات والسوق على حد سواء، بغض النظر عن ضغوط صندوق النقد الدولي لإتمامها، إذ إن بعض الشركات الحكومية مثل “أجواء” و”المنصورة للدواجن” بدأت بالفعل في زيادة حصصها المطروحة بالبورصة خلال الفترة الأخيرة.

وأضاف أن هذه الشركات تسعى إلى جمع تمويلات من خلال البورصة لدعم توسعاتها وتطوير أعمالها، مؤكدًا أن هذه الخطوة تعزز من نشاط السوق وتثري التداولات في البورصة المصرية.

يُشار إلى أن الحكومة المصرية كانت قد أعلنت مؤخرًا أنها ستنتهي من تنفيذ برنامج الطروحات الحكومية قبل نهاية عام 2026، وذلك في إطار الاستجابة لتوجهات صندوق النقد الدولي الداعية إلى تعزيز دور القطاع الخاص وتوسيع قاعدة الملكية، ورفع يد الدولة عن إدارة الأنشطة الاقتصادية المباشرة.