من أين تأتي قوة الدولار الأمريكي في الأسواق العالمية؟
يهمن الدولار الأمريكي على صدارة أقوى العملات الدولية، لثقل حجمه في المعاملات الدولية، أكثر من أي عملة أخرى، كما يعد طريقة الدفع المفضلة للدول.
ومن ثم فهو عملة الاحتياط الأساسية للدول في شتى أنحاء العالم.
فيما توجد ميزة أخرى هي أن الأصول المقومة بالعملة الأمريكية وفيرة للغاية لدرجة أنها من بين أكثر الأصول “سيولةً” في العالم؛ مما يعني أنه يمكن شراؤها وبيعها بسهولة.
حجم الاقتصاد الأمريكي
وتعود هيمنة الدولار في جانب منها إلى ضخامة الاقتصاد الأمريكي.
حيث أن حجمه يقارب إجمالي حجم اقتصادات الصين، الثاني عالمياً، واليابان الثالث، وألمانيا، الرابع، مجتمعةً.
ويدعم ثقل الولايات المتحدة الاقتصادي أيضاً أسواق رأس المال الأكبر والأكثر سيولة في العالم.
فأسواق الأوراق المالية في الولايات المتحدة تفوق نظيراتها في البلدان الأخرى، وتحتضن العديد من أكثر الشركات قيمةً وتقدماً على مستوى العالم.
وكذلك فإن أسواق سنداتها هي الأكبر عالمياً، إذ تضخمت سوق سندات الخزانة الأمريكية وحدها لتبلغ 27 تريليون دولار.
استقرار الموسسات الأمريكية
وكذلك تدعم قوة المؤسسات الأمريكية ثقة الأفراد في الدولار.
فغلبة سيادة القانون عادةً ما تمنع الاستخدام التعسفي للسلطة السياسية، وكانت الانتخابات تاريخياً حرة ونزيهة.
ويتمتع مجلس الاحتياطي الأمريكي بسجل قوي من الحفاظ على استقلاله، على النقيض من البنوك المركزية في العديد من البلدان الأخرى
وبالإضافة إلى ذلك، فإن الولايات المتحدة مستقرة مالياً: فهي من بين عدد قليل من البلدان التي لم تتخلف قط عن سداد ديونها أو تعاني من التضخم المفرط.
وهذه الصفات تجعل من الدولار مخزناً جذاباً للقيمة ومن بين الرهانات الأكثر أماناً عندما تتعثر الأسواق.
قوة الدولار
تنتج قوة الدولار قدرة الحكومة الأمريكية على تحمل عبء ديون ضخم يبلغ 34 تريليون دولار، متجاوزاً بشكل ملحوظ ناتجها الاقتصادي السنوي البالغ 27 تريليوناً، دون الاضطرار إلى دفع علاوة للدائنين.
أثر قرارات أمريكا على العالم
كثيراً ما ترتفع الثروات الاقتصادية لبقية العالم أو تنخفض بناءً على القرارات التي تتخذها الولايات المتحدة (وهو ما يصادف أيضاً أنه يفيدها عادةً).
فعلى سبيل المثال، قد يؤدي القرار الذي يتخذه الاحتياطي الفيدرالي برفع أسعار الفائدة إلى الحد من زيادة الإيجارات وأسعار المواد الاستهلاكية للمواطنين الأمريكيين.
هل الدولار تحت التهديد؟
في الغالب لا، وقد اشتد الاستياء من هيمنة الدولار مع استخدام الولايات المتحدة على نحو متزايد للعقوبات الاقتصادية أداةً لمعاقبة الخصوم.
وربما تؤدي السياسة المنقسمة في الولايات المتحدة إلى المزيد من تقويض الدولار.
لكن في الوقت الحالي، يكثُر الحديث عن عالم ما بعد الدولار، إذ لا يوجد منافس واضح في أي وقت قريب.
ورغم ذلك، فإن العالم كان ينظر ذات يوم إلى الفلورين الفلورنسي (في إيطاليا) والجلدر الهولندي باعتبارهما ركيزتين للتمويل الدولي، والآن أصبحت هاتان العملتان مجرد هوامش في كتب التاريخ.
الرابط المختصر: https://estsmararabe.com/?p=286355