جريدة الاستثمار العربى الان السوق يأتى اليك اقتصادية متخصصة
رئيس التحرير وليد عبد العظيم

هل أتمت مصر التزاماتها أمام صندوق النقد الدولي؟

تستضيف مصر منذ بداية ديسمبر بعثة صندوق النقد الدولي بهدف إتمام المراجعتين الخامسة والسادسة لبرنامج الإصلاح الاقتصادي، والتي تم تأجيلها سابقًا أكثر من مرة نتيجة بطء تنفيذ بعض الإجراءات، أبرزها تخارج الحكومة من النشاط الاقتصادي وتنفيذ برنامج الطروحات الحكومية.

وعلى الرغم من أن بعض الملفات لا تزال لم تُنفذ بالكامل، تشير المعلومات إلى أن بعثة الصندوق ستعلن خلال أيام عن إتمام المراجعتين، مما يمكّن مصر من صرف الشرائح المتأخرة من برنامج الـ8 مليارات دولار.

وتوضح الآراء الاقتصادية أن إتمام المراجعتين لا يعني أن مصر أنهت كل التزاماتها مع الصندوق، إذ لا تزال هناك خطوات متبقية في ملفات الطروحات العامة وتقليص دور الدولة في النشاط التجاري، لكن ذلك لا يُعيق إتمام المراجعتين باعتبارها إجراءات إجرائية أساسية لتمرير الشرائح المستحقة.

فؤاد: التحدي أمام مصر هو تمكين القطاع الخاص وتقليص دور الدولة في النشاط التجاري

قال محمد فؤاد، الخبير الاقتصادي، إن وصول بعثة صندوق النقد الدولي تزامن مع تحسن المؤشرات الكلية لمصر خلال الأشهر الماضية مقارنة بذروة الأزمة الاقتصادية.

وأضاف فؤاد أن هناك محورين رئيسيين للنقاش مع صندوق النقد حتى الآن، وهما التباطؤ في برنامج الخصخصة والاعتماد المتزايد على الأموال الساخنة.

ونوّه فؤاد إلى أن تأجيل المراجعة الخامسة ودمجها مع المراجعة السادسة جاء نتيجة بطء تنفيذ برنامج الطروحات الحكومية، مشيرًا إلى أن اهتمام الصندوق يتركز على تطبيق وثيقة سياسة ملكية الدولة، وليس مجرد بيع الأصول.

وأشار إلى أن الحكومة أوقفت التعامل على 32 شركة مدرجة للخصخصة منذ 2023 رغم الإعلان المتكرر عن نية طرحها، مبررة ذلك بعدم رغبتها في البيع بأسعار منخفضة، واستنادًا إلى تحسن الظروف المالية وانحسار الضغوط الدولارية.

وذكر فؤاد أنه تم تحقيق 5.6 مليارات دولار من بيع حصص في شركات مثل أبو قير، موبكو، فوري، البنك التجاري الدولي، الشرقية للدخان، وتليكوم مصر.

Ads

وأضاف أن بطء الطرح في شركتي “صافي” و”الوطنية” يمثل نقطة انتقاد مستمرة من صندوق النقد، إذ كان من المتوقع تحقيق 3 مليارات دولار بنهاية العام المالي 2024/2025، بينما تحقق فعليًا 600 مليون دولار فقط.

وأكد فؤاد أن المناخ التفاوضي أصبح أهدأ مقارنة بالجولات السابقة، مع اقتراب البرنامج من نهايته في أكتوبر 2026، مشيرًا إلى أن إكمال المراجعة أمر حاسم لتعزيز ثقة المستثمرين المحليين والأجانب وإتاحة شريحة بقيمة نحو 2.6 مليار دولار، معتبرًا أن موافقة الصندوق تمثل رسالة إيجابية للأسواق، خاصة في ظل استمرار الحاجة لتمويل الدين والحساب الجاري.

وأشار فؤاد إلى أن التحدي الجوهري أمام مصر لا يتمثل في توليد التدفقات الدولارية قصيرة الأجل فقط، بل في تمكين القطاع الخاص وتقليص دور الدولة في النشاط التجاري وفق رؤية وثيقة ملكية الدولة، مؤكدًا أن استدامة الاستقرار الاقتصادي تتطلب تحقيق توازن أدق بين جذب رؤوس الأموال طويلة الأجل وتقليل الاعتماد على الأموال الساخنة.

وأكد أن هناك تحسنًا ملحوظًا في تدفقات النقد الأجنبي إلى مصر، مسجلاً زيادة التحويلات لتصل إلى 36.5 مليار دولار، وارتفاع الصادرات بنسبة 23%، مع توقعات بأن تحقق السياحة إيرادات تصل إلى 17.6 مليار دولار. كما ارتفع الاحتياطي الأجنبي ليبلغ أكثر من 50 مليار دولار بنهاية أكتوبر.

وأشار إلى أن الأموال الساخنة بلغت حوالي 875 مليار جنيه (ما بين 42 و50 مليار دولار) بعائد حقيقي يقارب 10%، موضحًا أن صندوق النقد يرى أن الاعتماد المتزايد على هذه الأموال يُعد هشًّا وغير مستدام نظرًا لاحتمالية خروجها سريعًا عند أي صدمة مالية.

أنيس: الحكومة ستتخذ خطوات متسارعة خصوصًا أن هناك بطءً في بعض الملفات كالطروحات وتخارج الحكومة

قال محمد أنيس، الخبير الاقتصادي، إن صندوق النقد الدولي أتم بالفعل المراجعتين الخامسة والسادسة لبرنامج مصر للإصلاح الاقتصادي، مشيرًا إلى أن ما يجري حاليًا يعد مسألة إجرائية فقط.

وأضاف أنيس لجريدة الاستثمار العربي أن مصر حصلت فعليًا على الموافقات الخاصة بإتمام المراجعتين، وذلك لأسباب وبتوجيهات سياسية في أكتوبر الماضي، مؤكّدًا أن ذلك لا يعني الانتهاء من جميع الالتزامات المتفق عليها مع صندوق النقد.

وأوضح أنيس أن هناك بطءً في بعض الملفات مثل الأطروحات العامة وتخارج الحكومة من النشاط الاقتصادي، حيث توجد خطوات لم يتم تنفيذها بعد، لكنه توقع أن تتخذ الحكومة خطوات متسارعة خلال الفترة المقبلة، مؤكدًا أن هذا التأخير لا يؤثر على استكمال المراجعتين الخامسة والسادسة.