سوق العقارات في مصر نما بشكل مطرد منذ 2013 حتى الآن؛ خاصةً مع توسع الدولة والشركات العاملة مع المؤسسة العسكرية في هذا القطاع، وهو التوسع الذي بلغ أوجه في أكبر مشروع من حيث حجم التمويل، وهو العاصمة الإدارية الجديدة؛ حيث إنه من المستهدف أن يصل حجم الاستثمارات في تلك العاصمة الجديدة إلى ما يعادل 45 مليار دولار، وهو ما يُعادل أكثر من 15% من الناتج المحلي الحالي في مصر. وفي نفس الوقت تزايدت التكهنات في أوساط الخبراء االاقتصاديين، وحتى المطورين العقاريين، حول إمكانية انفجار فقاعة في السوق العقاري المصري خاصة بعد الزيادات السعرية الكبيرة في أسعار العقارات، التي قاربت معدلات التضخم التي حدثت بعد قرار تحرير سعر الصرف في نوفمبر 2016، حيث وصلت إلى ما يقارب 32%.
قال احمد الضرغامى الخبير العقارى إن تُعزِّز تلك المخاوف احتمالية انفجار الفقاعة نفسها، فحين يتحدث الفاعلون في السوق العقاري أو السوق بشكل عام عن وجود فقاعة سعرية قائمة أو فقاعة عقارية في المستقبل، فهذا يؤدي على المدى الطويل لإحجام المضاربين عن الشراء والاتجاه للبيع أكثر، وهذا السلوك الجمعي المجنون قد يؤدي أحيانًا لأزمة كبيرة في
أضاف أن القطاع العقاري، فالعامل النفسي جزء مهم لحدوث أي فقاعة، وكما كان هذا العامل مؤثرًا في الأزمة العقارية الكبرى في 2008، فإنه يمكن أن يؤثر بالطبع في الأزمة المرتقبة للسوق العقاري المصري.
ثمة بوادر كثيرة عن اقتراب حدوث فقاعة عقارية في السوق المصري، لعل أهمها تراجع الطلب على العقارات في النصف الثاني من 2018 بمقدار 25%، وتراجع وتيرة الزيادة في الأسعار إلى أقل من نصف ما كانت عليه في 2016، وهذا بحسب مؤشر عقار ماب . هذا التراجع قد يؤدي -إذا استمر على المدى المتوسط أي خلال عامين أو ثلاثة- إلى زيادة المعروض واتجاة المالكين في «سوق إعادة البيع» إلى طرح ما يمتلكونه من عقارات للبيع، مما يؤدي إلى انخفاض الأسعار بطريقة مفاجئة، وبالتالي تحدث أزمة في القطاع العقاري.
ربما يجادل بعض المحللين بأن السوق العقاري المصري قوي لأن معظم التمويل الذي يستخدمه ليس مربوطًا بشكل مباشر بالقطاع البنكي، بالتالي لا وجود للرهون العقارية وغيرها من المشتقات المالية، ولا وجود للإقراض المفرط في القطاع كما كان الحال في 2008 في أمريكا. لكن هذا لا يمنع أن تحدث الأزمة وتؤثر حتى على القطاع البنكي، فكثير من المطورين العقاريين يعتمدون على الاقتراض من البنوك، كما أن انفجار الفقاعة السعرية للعقارات سوف يؤدي إلى فقدان في قيمة مدخرات القطاع العائلي الثابتة والمستثمرة في العقارات، مما قد يؤثر على مدخراتهم السائلة الأخرى ويدفعهم إلى عمليات سحب كبيرة من القطاع البنكي، وهو ما سوف يؤثر بالتأكيد على السيولة المتوفرة في القطاع البنكي نفسه.
أيضًا، أحد المؤشرات المهمة على الشعور بالأزمة في القطاع العقاري هو الحديث المتكرر حول أن هناك طلبًا متزايدًا؛ لكن هناك أزمة في التمويل بسبب عدم شيوع نظام القروض العقارية، وهو ما دفع مجموعة طلعت مصطفي للإعلان عن إنشاء شركة للتمويل العقاري بالتعاون مع مجموعة هيرميس القابضة. يمكن أن يكون التمويل العقاري بالفعل هو حل للأزمة الحالية؛ لكنه في نفس الوقت يعظِّم إمكانات حدوث فقاعة في المستقبل إذا لم يستطع كثير من المقترضين سداد قروض التمويل العقاري؛ أي فقاعة على النمط الأمريكي
و من جانبة قال بكر الجندى مدير التسويق باحدى الشركات العقاريه الكبرى، إنة قد يتأخر حدوث الفقاعة، وقد لا تحدث، وبالتالي قد تستمر الأسعار في الارتفاع بعد الانخفاضات الطفيفة السابقة، خاصة أن معدلات التضخم في مصر ما زالت مرتفعة، وهو ما يدفع كثيرين إلى محاولة التأقلم مع هذا الظرف الاقتصادي بالاستثمار في العقارات. كل هذا يعتمد بالأساس على توقعات الفاعلين في السوق عن مستقبل القطاع. وبالتالي، تكتسب تصريحات المطورين العقاريين الكبار مثل طلعت مصطفي ونجيب ساويرس أهمية كبرى، حيث إنها تسعى إلى طمأنة الجميع بأن الخلل الموجود غير موجود، وأنه إذا استمر الجميع في الشراء أكثر مما يفكرون في البيع فإن الأمور سوف تصبح أفضل.
أضاف يمكن أيضًا ألا تحدث الفقاعة، ولا يبيع الناس ما يمتلكونه من عقارات بغرض المضاربة؛ هذا سيؤدي لعدم انخفاض الأسعار، ولكن إلى ركود كامل في السوق، وبالتالي سوف يتأثر قطاع التشييد والبناء الذي يُشغِّل ما يقرب من 3.4 مليون مصري بحسب أرقام الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، وولَّد في 2017 فقط حوالي 52% من فرص العمل الجديدة. هذا بالطبع سوف يُضخِّم أزمة البطالة الموجودة حاليًا.
وسواء كانت الأزمة العقارية القادمة عبارة عن فقاعة عقارية تشل حركة البيع والشراء، أو أنها لن تنفجر ويتعرض القطاع للركود التدريجي، فإن المؤكد أننا في الحالتين سنصبح أمام أزمة اقتصادية عميقة؛ لأن القطاع العقاري أصبح مع الوقت المشغِّل الأكبر للعمالة، خاصة الموسمية منها، في مصر، ومع عدم قدرة القطاعات الأخرى الكبرى (الصناعة والزراعة) على توليد الوظائف، فإن هذا يُنذر بأزمة بطالة سوف تضرب الاقتصاد المصري
الرابط المختصر: https://estsmararabe.com/?p=2005