شهد القطاع العقاري في مصر خلال 2024 مجموعة من التحديات والإنجازات التي أثرت على أدائه وسط أزمات اقتصادية محلية وعالمية.
وجاء من أبرز هذه التحديات على المستوي المحلي، أزمة العملة الأجنبية، التي واجهتها الدولة بحكمة من خلال سياسات مثل تطبيق سعر صرف مرن وجذب الاستثمارات الأجنبية -كما حدث في صفقة رأس الحكمة- التي أحدثت انتعاشة في القطاع العقاري، والاقتصاد ككل.
ورغم ارتفاع تكاليف التنفيذ على الشركات العقارية بسبب زيادة أسعار الأراضي ومواد البناء والفائدة، استطاع القطاع تسجيل مبيعات قوية بفضل إدراك المواطنين لأهمية الاستثمار العقاري باعتباره ملاذًا آمنًا في ظل ارتفاع قيمته المستمرة.
أبرز محطات الدعم الحكومي للقطاع العقاري
تحفيز الاستثمار الأجنبي: في فبراير 2024، وقعت الحكومة اتفاقية لتطوير وتنمية مدينة رأس الحكمة بشراكة استثمارية مع الإمارات، وهي الصفقة التي وصفها رئيس الوزراء بأنها “أكبر استثمار أجنبي مباشر في تاريخ البلاد”.
قرارات هيئة المجتمعات العمرانية
كما شملت القرارات الداعمة للقطاع، مد العمل بزيادة النسب البنائية، وإلغاء الغرامات وجدولة الأقساط على الأراضي، وخفض الفائدة على الأراضي المملوكة للهيئة لتصبح 15% بدلاً من أسعار الفائدة بالبنك المركزي.
بجانب ما تم اتخاذه من إجراءات للقضاء على ظاهرة المضاربات من خلال إلزام المطورين بإثبات ملاءتهم الفنية والمالية.
التعديلات التشريعية
وذلك بالإضافة، لإعادة العمل بقانون البناء رقم 119 لسنة 2008 ولائحته التنفيذية في سبتمبر 2024، مع إلغاء منظومة اشتراطات البناء الصادرة في 2021، مما سهّل إجراءات البناء وساهم في تنشيط السوق.
مؤشرات أداء السوق العقاري في 2024
ووفقًا لتقرير “ذا بورد كونسالتنج”، حققت أكبر 10 شركات عقارية مبيعات قياسية بلغت تريليون جنيه في أول 10 أشهر من العام، محققة نموًا بنسبة 203% مقارنة بنفس الفترة من العام السابق.
فيما شهد السوق ارتفاعًا في أسعار العقارات خلال العام بنسبة تتراوح بين 15% و30%، مع زيادة الإقبال على الوحدات الصغيرة (100-150 مترًا مربعًا).
وسجلت أسعار الإيجار ارتفاعات قياسية، حيث قفزت بنسبة 115% في مدينة 6 أكتوبر و124% في القاهرة الجديدة خلال الربع الثالث.
التحديات التي واجهت الشركات
من جانبه، أشار محمد إدريس، رئيس مجلس إدارة “مباني إدريس”، إلى أن ارتفاع تكاليف الإنتاج بسبب زيادات أسعار الفائدة والمواد الخام والعمالة شكل تحديًا كبيرًا.
ومع ذلك، تمكنت الشركات من تحقيق معدل نمو في المبيعات نتيجة الطلب القوي على العقارات.
وتوقع إدريس استمرار الزيادة في طرح المشروعات الجديدة خلال العام المقبل مع قوة السوق والطلب المتنامي والاحتياج الحقيقي للسكن والخدمات موضحا أنه يوجد العديد من المناطق الواعدة بشرق وغرب القاهرة والساحل الشمالي.
واعتبر محمد راشد، عضو غرفة التطوير العقاري، أن سعر الفائدة المرتفع كان أحد أبرز العقبات التي واجهت القطاع، حيث أثر سلبًا على التمويل العقاري، مما زاد من تعرض المطورين للمخاطر.
فيما نوه راشد إلى أن ارتفاع مبيعات الشركات جاء بسبب تسهيلات الدولة ومنها جهود هيئة المجتمعات العمرانية والمتمثلة في تخفيض الفائدة على الأراضي لحوالي 15% بدلا من سعر الفائدة بالبنك المركزي، وذلك في يوليو من عام 2024 .
وكذلك مد العمل بقانون زيادة المساحات البنائية للمشروعات لمدة عام .
كما عملت الهيئة على القضاء على ظاهرة “السماسرة” الذين يدفعون مقدم الأراضي ومن ثم يبيعونها للمطورين بأسعار مرتفعة عن أسعار الدولة .
واعتمدت الدولة في ذلك على تسليم الأرض للمطور الذي له ملاءة فنية، أي له القدرة على تسليم المشروعات في مواعيدها ويتجلى ذلك في سابقة أعماله من مشروعات .
وفيما يخص جهاز العاصمة الإدارية فقام أكثر من مرة بتقديم إعفاءت عن غرامات تأخير خلال العام وكذلك جدولة أقساط أراضي متراكمة على آخرين .
وأكد هاني العسال، عضو مجلس الشيوخ، أن الشركات التي تتمتع بإدارة حكيمة كانت الأكثر استفادة خلال العام، مشيرًا إلى نجاح شركات مثل طلعت مصطفى، ماونتن فيو، بالم هيلز، وتطوير مصر في تحقيق أعلى المبيعات وزيادة محفظة أراضيها.
ومن جانبه قال فتح الله فوزي، رئيس لجنة التشييد والبناء بجمعية رجال الأعمال، إن متوسط الارتفاع في أسعار العقارات منذ بداية يناير وحتى الآن تراوح بين 15% و20%.
وأوضح أن بعض الشركات الكبرى رفعت أسعارها بما يقرب من 30%، في حين رفعت الشركات الصغيرة أسعارها بحوالي 10% فقط لتوفير السيولة التي تحتاج إليها.
مما يعكس تباين تأثير التكاليف بين الشركات وفقًا لحجمها ومدى قدرتها على تحمل الأعباء الاقتصادية.
وفي سياق متصل، أشار شريف شعلان، رئيس مجلس إدارة شركة رويال للتطوير العقاري، إلى أن عام 2024 مر بشكل إيجابي على القطاع العقاري، حيث استطاعت أغلب الشركات تحقيق المستهدفات البيعية المرجوة خلال أول 10 أشهر من العام، مدفوعة بزيادة الإقبال على العقارات، خاصة في مدن الجيل الرابع مثل العاصمة الإدارية والعلمين الجديدة.
وأضاف أن السوق شهد حالة من الهدوء في طلبات الشراء آخر شهرين من العام، نتيجة التغيرات الموسمية التي عادة ما تؤثر على حركة السوق في هذه الفترة.
توقعات 2025: استمرار النمو وسط تحديات مستمرة
توقع خبراء استمرار طرح المشروعات الجديدة خلال العام المقبل، خاصة في مدن الجيل الرابع مثل العاصمة الإدارية الجديدة، والعلمين الجديدة، والساحل الشمالي.
كما يُتوقع زيادة النشاط في المحافظات مع العودة لتطبيق قانون البناء رقم 119.
الرابط المختصر: https://estsmararabe.com/?p=360442