جريدة الاستثمار العربى الان السوق يأتى اليك اقتصادية متخصصة
رئيس التحرير وليد عبد العظيم

رأس الحكمة والساحل.. فخامة تستحق الملايين أم مبالغة في التسعير؟

شهد السوق العقاري المصري ارتفاعًا غير مسبوق في أسعار الوحدات السكنية، خاصة في المناطق الساحلية والمشروعات ذات الطابع الفاخر، ما أثار جدلًا واسعًا حول مبررات التسعير وإقبال العملاء على هذه الوحدات، ومدى توافق الأسعار مع قدرات المشترين المحليين، مقارنة باهتمامات المستثمرين الأجانب.

عوامل التسعير وتحوط المطورين

رأى محمد البستاني، رئيس مجلس إدارة البستاني للتطوير العقاري، أن طول فترات السداد التي تصل إلى 10 سنوات، يفرض على المطورين زيادة سعر الوحدة لتعويض تكلفة الإنشاءات، إذ يمثل السعر الفعلي للوحدة 40 إلى 60% من سعرها الإجمالي، بينما يضاف الباقي نتيجة التمويل الممتد والمخاطر المستقبلية مثل ارتفاع أسعار الأراضي أو الخامات.

وأضاف أن تحوط الشركات من تقلبات السوق هو جزء من التسعير، موضحًا أن المطور الذي يحقق أرباحًا بنسبة 20% يُعد ناجحًا.

دور “البراند” العقاري

لفت البستاني إلى أن ما يُعرف بـ”البراند” في القطاع العقاري أصبح أحد محددات الأسعار، حيث يلجأ العملاء إلى الشراء من مطورين كبار حفاظًا على القيمة وضمان الجودة

رغم أن بعض المشروعات المشابهة بأسعار أقل لا تختلف كثيرًا في الإمكانيات.

وأشار إلى أن بعض المشروعات الكبرى ترفع أسعارها لأربعة أضعاف مقارنة بمشروعات شبيهة.

مشروع “وادي يم” يثير الجدل

أعادت الطروحات الأخيرة لمشروع “وادي يم” بمدينة رأس الحكمة، التابع لشركة “مدن القابضة” الإماراتية، الجدل حول الأسعار.

حيث طرحت الشركة وحدات تبدأ من 15.9 مليون جنيه للشقق ذات غرفة واحدة، وتصل إلى 74.5 مليون جنيه لشقق “ألترا لوكس” ذات الأربع غرف، بمتوسط سعري يبلغ نحو 90.3 مليون جنيه.

ووصلت بعض الفيلات إلى أسعار تتجاوز 300 مليون جنيه، ما أثار تساؤلات حول ما إذا كانت موجهة لشريحة المصريين القادرة على الشراء أم تستهدف المستثمرين الأجانب.

Ads

رؤية الخبراء حول الأسعار

قال كريم زين، الرئيس التنفيذي لشركة “كولدويل بانكر مصر”، إن الأسعار التي طرحتها “مدن” لا تمثل المشروع بالكامل، مشيرًا إلى ضرورة الانتظار من 3 إلى 5 سنوات لحين اكتمال الطروحات لجميع المطورين.

وأضاف أن رأس الحكمة مدينة عالمية تضم مستشفيات وفنادق ومدارس، ما يبرر مستوى الأسعار.

رأس الحكمة ومعايير المدن العالمية

أوضح علاء الشيخ، رئيس مجلس إدارة “أست تاب” للتطوير العقاري، أن رأس الحكمة تقارن بمدن أوروبية مثل “برشلونة” و”موناكو”، إذ تمتد واجهتها الشاطئية إلى 44 كيلومترًا، مقابل 1.5 إلى 2.5 كيلومتر في تلك المدن.

وأشار إلى أن المشروع يستهدف التشغيل طوال العام، ويضم 50 فندقًا و310 آلاف وحدة سكنية، بالإضافة إلى مطار ومنطقة لوجستية.

جودة التشطيب واستهداف العملاء

شدد هاني العسال، مؤسس شركة “مصر إيطاليا” وعضو مجلس الشيوخ، على أن الأسعار تعكس تكلفة التخطيط والاستعانة بمكاتب استشارية عالمية وجودة التشطيبات الفاخرة

وأوضح أن فترات السداد الممتدة تدفع المطورين لتوزيع أرباحهم البالغة نحو 30% على مدى 10 سنوات، لتصل أرباحهم الفعلية إلى نحو 20%.

وأكد أن الأسعار الحالية تناسب 20% فقط من المصريين، بينما الفئات الأعلى تناسب شريحة لا تتجاوز 5%.

سوق يميل للفخامة ويستقطب الأجانب

يرى الخبراء أن التوسع في المدن السياحية الفاخرة مثل رأس الحكمة يعكس توجه السوق نحو استقطاب الاستثمارات الأجنبية والعملاء القادرين، فيما يظل التساؤل قائمًا حول مدى ملاءمة هذا المسار مع السوق المحلية وقدرة معظم المصريين على مواكبة هذه الأسعار.