أعلنت الحكومة المصرية إطلاق “السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية” كخطة تمتد حتى عام 2030، بالتزامن مع اقتراب انتهاء برنامج الإصلاح الاقتصادي مع صندوق النقد الدولي في نوفمبر 2026، والبالغ قيمته 8 مليارات دولار.
وأكدت الحكومة أنها لا تعتزم الدخول في اتفاق جديد مع الصندوق بعد انتهاء البرنامج الحالي.
وتستهدف الخطة رفع معدل النمو الاقتصادي إلى 7% بحلول عام 2030، مقابل 4.5% في خطة العام المالي الجاري 2025/2026، مع تعزيز دور القطاع الخاص وزيادة الاستثمارات والصادرات.
أنيس: لا نحتاج حالياً إلى برنامج اقتصادي مع الصندوق
قال الخبير الاقتصادي محمد أنيس، إن مصر لا تحتاج في المرحلة الحالية إلى برنامج اقتصادي جديد مع صندوق النقد الدولي، بعدما نفذت ثلاثة برامج خلال السنوات العشر الماضية ونجحت في تحقيق استقرار بمؤشرات الاقتصاد الكلي، شمل استقرار سعر الصرف، وتحسن معدلات النمو، وتراجع التضخم، وخفض عجز الموازنة.
وأكد لـ”الاستثمار العربي” أن مصر قادرة على الاستغناء عن قروض الصندوق من خلال جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة الموجهة للتصدير، بما يقلل من الاعتماد على التمويلات الخارجية ويعزز تدفقات النقد الأجنبي.
وأشار إلى أن الأولوية خلال السنوات الخمس المقبلة يجب أن تتركز على تقليل الاقتراض الخارجي، وتوجيه الجهود نحو التحول الرقمي والشمول المالي وتطوير التعليم الفني لتلبية احتياجات الصناعات التصديرية، مع توفير الأراضي الصناعية المرفقة للمستثمرين.
واختتم بالتأكيد على ضرورة العمل على تحقيق الاستدامة للديون المصرية وتقليل نسبتها على المدى المتوسط والطويل لتخفيف العبء عن الموازنة العامة للدولة.
أبو الفتوح: مصر تحتاج إلى إجراء تغييرات اقتصادية كبيرة
قال هاني أبو الفتوح، الخبير الاقتصادي لـ”الاستثمار العربي”، إنه من المؤكد أن مصر تحتاج إلى إجراء تغييرات اقتصادية كبيرة لضمان نمو مستدام دون الحاجة إلى قروض خارجية.
وأوضح أن الحكومة بدأت بالفعل في اتخاذ خطوات لتطبيق سياسات تهدف إلى دعم الاقتصاد من خلال تحسين التنافسية، وزيادة الصادرات، وجذب الاستثمارات، وهي أمور مهمة جدًا إذا كانت مصر ترغب في الانتقال إلى مرحلة ما بعد صندوق النقد.
وأضاف أبو الفتوح أن القرض الذي حصلت عليه مصر من صندوق النقد ساعدها على مواجهة تحديات اقتصادية كبيرة، مثل الحد من التضخم وتقليل العجز المالي.
وتابع: “رغم هذه التحسينات، لم يتحقق النمو المطلوب على المدى الطويل. فالناتج المحلي الإجمالي لم يتغير كثيرًا منذ عام 2015، مما يعني أن هناك مشكلة في تحقيق النمو الحقيقي في الاقتصاد”.
وأشار إلى أنه لكي تكون مصر قادرة على الاعتماد على نفسها اقتصاديًا، يجب عليها أن تركز على تقوية القطاعات المنتجة مثل الصناعة والزراعة، وتشجيع الابتكار التكنولوجي.
وتابع أنه من المهم أن تطور سياسات اقتصادية مرنة تساعدها في التكيف مع التغيرات العالمية، وتحسن كفاءة القطاع العام، وتعمل على تحسين البنية التحتية.
كما يجب عليها تسهيل دور القطاع الخاص في الاقتصاد.
وذكر أنه بالرغم من الدعم المالي الذي تقدمه بعض الدول الخليجية، إلا أن هذه الدول لا تستطيع أن تحل مكان صندوق النقد الدولي بشكل كامل، لذلك يجب على مصر العمل على جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية وتنويع مصادر التمويل بعيدًا عن الاعتماد على القروض، بما في ذلك تشجيع السوق المحلي على الاستثمار.
وأكد أنه إذا قررت مصر الاستغناء عن دعم صندوق النقد، فقد تواجه بعض المخاطر مثل زيادة العجز المالي، وارتفاع التضخم، وصعوبة تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية المطلوبة.
وذكر أن الحكومة سيكون عليها أن تجد حلولًا محلية للتعامل مع هذه التحديات.
وأضاف أن مصر يجب أن تركز على تحسين استقرارها المالي من خلال زيادة الإيرادات الضريبية، وتنمية القطاعات الاقتصادية مثل الصناعة والزراعة، والعمل على حل مشكلات توزيع الدخل والفقر.
واختتما أنه على الرغم من أن التحدي في الاستغناء عن صندوق النقد الدولي ليس سهلًا، إلا أنه ممكن إذا تم اتخاذ الإصلاحات الاقتصادية المناسبة التي تضع مصر على طريق النمو المستدام بعيدًا عن القروض الخارجية.
الدماطي: استطعنا التغلب على معظم التحديات الاقتصادية
وأكدت سهر الدماطي، خبيرة مصرفية، أن مصر استطاعت التغلب على معظم التحديات المرتبطة بالاقتصاد الكلي، ما يجعلها قادرة على الاستغناء عن تمويلات صندوق النقد الدولي خلال الفترة المقبلة.
وأوضحت الدماطي لـ”الاستثمار العربي” أن الدولة اتخذت خلال السنوات الماضية حزمة من الإجراءات التي أسهمت في تطوير العديد من القطاعات الاقتصادية.
وتابعت أن أبرز تلك الإجراءات كانت خفض معدلات التضخم من 38% إلى 12%، رغم الأزمات الاقتصادية والجيوسياسية العالمية، مع توقعات بتراجعه مجددًا إلى 10%.
بالإضافة إلى تراجع أسعار الفائدة بصورة كبيرة بقرارات من لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي، مع احتمالية وصولها إلى 12% بنهاية 2024.
وذكرت أن ارتفاع الاحتياطي النقدي إلى نحو 50 مليار دولار، إلى جانب سحب السيولة الزائدة من السوق كان خطوة إيجابية أيضاً، مع تطبيق سياسة مرونة سعر الصرف عبر تنويع مصادر العملة الأجنبية.
وأشارت أن الدولة نجحت في خفض الدين العام وتراجع الأعباء المالية، ورفع صافي الأصول الأجنبية بالبنوك إلى 19 مليار دولار.
كما أشارت الدماطي إلى الإجراءات المالية التي شملت خفض الدعم على عدد من المنتجات وإعادة النظر في المنظومة الضريبية، ما ساعد في تسوية أوضاع الشركات والمصانع.
وأضافت أن تلك التطورات تدعم خطة الدولة الرامية إلى تعزيز مشاركة القطاع الخاص في عجلة التنمية الاقتصادية، إلى جانب وضع تصور هيكلي للإصلاح الاقتصادي يمتد على مدى الخمس سنوات المقبلة.
الرابط المختصر: https://estsmararabe.com/?p=441945
