بعد مرور عامين على العدوان الصهيوني على غزة الذي بدأ في 7 أكتوبر 2023، يعيش الاقتصاد الغزي حالة انهيار شبه كامل، إذ لا تتجاوز الطاقة الإنتاجية الحالية للمنشآت الصناعية 10%، فيما توقفت نحو 850 منشأة عن العمل بالكامل، أي ما يعادل 90% من إجمالي المنشآت الصناعية في القطاع.
تعمل حاليًا 40 منشأة بطاقة أقل من 50%، و90 منشأة بطاقة أقل من 30%، بينما لا تتجاوز المنشآت العاملة بطاقة تفوق 50% عدد 20 فقط.
وارتفعت نسبة الأضرار في البنية التحتية إلى 25%، وفي الماكينات وخطوط الإنتاج إلى 32%، بينما بلغت الأضرار في المواد الجاهزة 34%، وفي سيارات النقل 9%.
تراجع حاد في الإنتاج والعمالة
قبل الحرب، كان في غزة نحو 3,387 منشأة صناعية يعمل بها أكثر من 58 ألف عامل بطاقة إنتاجية بلغت 48%، إلا أن العدوان دمّر 85% من البنية التحتية تدميرًا كليًا أو جزئيًا، وأصاب القطاع الصناعي بأضرار تجاوزت 85%.
وشمل الدمار المباني والمعدات والمواد الخام والموارد البشرية، ما أدى إلى توقف شبه كامل للنشاط الصناعي.
خسائر مباشرة تفوق 5 مليارات دولار
أظهرت نتائج التقييم الأولي الذي شمل 1,200 منشأة صناعية أن نسبة الدمار الكلي بلغت 56%، بينما بلغ الضرر الجزئي البليغ 27% والخفيف 17%.
وتُقدَّر الخسائر المباشرة في المباني والمعدات والمواد الخام والمنتجات بأكثر من 5 مليارات دولار حتى يونيو 2024، تشمل خسائر أصحاب المنشآت والخسائر غير المباشرة وضياع فرص العمل.
وامتدت الأضرار الاقتصادية إلى الضفة الغربية، حيث تفاقم العجز المالي وتراجعت فرص العمل وتقيّدت حركة التجارة.
اقتصاد غزة قبل الحرب
كان اقتصاد غزة يعاني من الحصار الإسرائيلي منذ عام 2007، مما قيّد حركة الاستيراد والتصدير وحدّ من نشاط الصيادين في نطاق ستة أميال بحرية فقط.
وسجل القطاع أحد أعلى معدلات البطالة عالميًا، مع اعتماد أغلبية السكان على المساعدات الغذائية.
الاقتصاد الإسرائيلي قبل الحرب
في المقابل، نما الاقتصاد الإسرائيلي منذ إعلان قيام الكيان عام 1948 بدعم غربي واستثمارات في التكنولوجيا والصناعة والزراعة.
بلغ الناتج المحلي لإسرائيل 564 مليار دولار عام 2023، وبلغ نصيب الفرد نحو 58,270 دولارًا، واحتلت المرتبة 16 عالميًا في الدخل للفرد، فيما اعتُبرت رابع أنجح اقتصاد بين الدول المتقدمة عام 2022 وفق مجلة الإيكونوميست.
تراجع حاد في النمو والإنفاق العسكري
بعد عامين من الحرب، خفّض بنك إسرائيل توقعاته لنمو الاقتصاد في 2025 إلى 2.5% فقط، مقابل 5% في أبريل 2024، وسط تقديرات بأن النمو قد لا يتجاوز 1–2%.
ووفق صحيفة يديعوت أحرونوت، تجاوز الإنفاق العسكري 100 مليار دولار، أي أكثر من نصف ميزانية عام 2025، فيما أضافت الحرب نحو 175 مليار شيكل إلى الدين العام، وارتفعت فوائد الديون بنحو 7–10 مليارات شيكل سنويًا.
كما تكبدت صناعة الأسلحة خسائر تقدر بمليار دولار نتيجة إلغاء عقود أوروبية.
ووصلت تكلفة العملية العسكرية “مركبات جدعون 2” إلى نصف مليار شيكل يوميًا، فيما يُتوقع أن يؤدي وقف الحرب إلى تقليص التكلفة اليومية إلى النصف.
تراجع التصنيف الائتماني وتداعيات اقتصادية
تسببت الحرب في خفض التصنيف الائتماني لإسرائيل عدة مرات، منها أربع مرات من وكالة “موديز” وحدها، نتيجة تفاقم العجز المالي وتراجع الثقة في الاقتصاد.
وفي سبتمبر الماضي، صرّح بنيامين نتنياهو بأن إسرائيل مضطرة إلى التكيّف مع اقتصاد يعتمد على الاكتفاء الذاتي بسبب العزلة الدبلوماسية المتزايدة، ما أثار غضب مجتمع الأعمال وهزّ الأسواق.
تكلفة الاضطرابات النفسية والصدمة المجتمعية
تزايدت حالات الانتحار بين العسكريين، حيث أنهى أكثر من 40 جنديًا حياتهم منذ بداية الحرب نتيجة اضطرابات ما بعد الصدمة.
وقدّرت دراسة لمؤسسة تمويل اجتماعي أن التكلفة الاقتصادية لهذه الاضطرابات قد تصل إلى 50 مليار دولار خلال خمس سنوات.
وتصل تكلفة كل حالة من اضطراب ما بعد الصدمة إلى نحو 1.8–2.2 مليون شيكل (500–600 ألف دولار)، 74% منها ناتجة عن فقدان الإنتاجية، و18% للرعاية الصحية، و8% لمشكلات ثانوية مثل الإدمان.
الرابط المختصر: https://estsmararabe.com/?p=445317
