شهد الاقتصاد المصري تحسنًا ملحوظًا مع انحسار التوترات الإقليمية والإعلان عن اتفاق لوقف إطلاق النار، بعد فترة من الضغوط التي تأثرت خلالها مصادر البلاد الدولارية الرئيسية مثل قناة السويس وقطاع السياحة.
هذا التحسن انعكس على مؤشرات الاقتصاد كافة، من تحويلات المصريين في الخارج والاستثمارات الأجنبية إلى زيادة العائدات من السياحة وقناة السويس.
وأدت هذه التطورات إلى رفع مؤسسات التصنيف الائتماني الدولية تقديراتها لمصر، حيث أعلنت وكالة ستاندرد آند بورز رفع تصنيف الاقتصاد المصري من B- إلى B لأول مرة منذ سبع سنوات مع نظرة مستقبلية مستقرة، كما قامت وكالة فيتش بتثبيت تصنيفها بعد أن كانت قد رفعته في وقت سابق.
جنينة: رفع التصنيف يعزز تعاملات مصر مع البنوك الخارجية ويخفض تكلفة الاقتراض
قال المحلل المالي هاني جنينة إن رفع تصنيف مصر الائتماني من قبل وكالة “ستاندرد آند بورز” من مستوى B- إلى B ليس كافيًا لجعل مصر جاذبة بالقدر الكافي للاستثمارات الأجنبية، مشددًا على ضرورة أن يرتقي الاقتصاد المصري إلى مستوى BBB، وهو ما يعني أن مصر ستنضم إلى فئة الأسواق الناشئة ذات التصنيف الاستثماري، ما سيمكنها من استقبال تدفقات كبيرة لرؤوس الأموال، مع تحسن إيرادات قناة السويس، وانخفاض تكاليف الاقتراض الخارجي.
وأوضح أن الوصول إلى هذا التصنيف يتطلب المرور بثلاث مراحل متتالية هي: BB- ثم BB ثم BBB، وهو المستوى الجيد لجذب الاستثمارات، ومن المتوقع تحقيقه في عام 2027.
وأشار جنينة لـ”الاستثمار العربي” إلى أن رفع التصنيف الائتماني لمصر يخدم تعاملاتها مع البنوك الخارجية بدرجة كبيرة، إذ يعد هذا التصنيف معيارًا تعتمد عليه تلك البنوك في تعاملاتها مع مصر، سواء على المستوى الحكومي أو الخاص، لاسيما عند الاقتراض بالدولار أو اليورو أو الجنيه الإسترليني أو أي عملة أخرى.
وتابع أن رفع التصنيف الائتماني يدفع مصر نحو الخروج من هامش التحوط ضد مخاطر التخلف عن سداد الديون، خاصة أن نسبة التحوط كانت قد سجلت 8% خلال تعاملات أبريل الماضي، بينما تتداول الآن بين 3.5% و4% فقط، وهو أمر يُعد إيجابيًا للغاية.
أنيس: الاقتصاد المصري بات أكثر مرونة مع تحسن المؤشرات العامة
وقال المحلل الاقتصادي محمد أنيس إن رفع تصنيف مصر الائتماني يعود إلى عاملين رئيسيين: أولاً، الإعلان عن وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وثانياً، الإصلاحات الاقتصادية الهيكلية التي قامت بها الحكومة بالتعاون مع صندوق النقد الدولي خلال الفترات الماضية.
وأضاف أنيس لـ”الاستثمار العربي” أن الاقتصاد المصري لديه فرصة لتحويل التحديات إلى فرص واعدة، مشيراً إلى أنه بعد إعلان وقف إطلاق النار سترتفع معدلات صادرات المواد الغذائية ومواد البناء إلى قطاع غزة في ظل المساعي لإعادة الإعمار.
وأكد أنيس أن الإصلاحات التي تم تنفيذها خلال الفترات الماضية أسهمت في تحقيق استقرار واضح في سعر صرف الدولار مقابل الجنيه، وجعلت التعاملات أكثر مرونة، كما ساهمت في تحسن مؤشرات البطالة والدين العام، وتقليل عجز الموازنة، بالإضافة إلى ارتفاع معدلات التدفقات الدولارية في هيكل الاقتصاد المصري.
ونوه إلى أنه لأول مرة تحقق السياحة وتحويلات المصريين في الخارج مستويات قياسية وغير مسبوقة، حيث تجاوزت إيرادات السياحة 16 مليار دولار، فيما بلغت التحويلات 36 مليار دولار، مضيفاً أن استمرار تحسن المؤشرات الاقتصادية يدفع المؤسسات الدولية إلى تقييم مستوى الاقتصاد بشكل إيجابي.
وتقول الدكتورة عليا المهدي، عميدة اقتصاد وعلوم سياسية جامعة القاهرة سابقًا، إن رفع وكالة وكالة ستاندرد آند بورز التصنيف الائتماني لمصر هي شهادة ثقة، وينعكس ذلك بشكل ايجابي على مستوى الاستثمار.
وأوضحت”المهدي” في تصريحات خاصة لـ”الاستثمار العربي” أن رفع التصنيف الائتماني يشجع في جذب الاستثمارات الاجنبية.
كما أشارت إلى أن تأثير رفع التصنيف على مستوى سعر الصرف لم يؤثر كثيرا على المدى القصير، موضحة أن سعر الصرف يخضع للعرض والطلب.
ولكن أذا دخلت استثمارت جديدة إلى مصر سيؤدي ذلك إلى مزيد من تحسن سعر الصرف.
في حين أوضحت أن رفع التصنيف الائتماني سيرفع من الجدارة الائتمانية لمصر بعض الشئ، مشيرة إلى أن التقييمم وحده غير كافي ويجب أن يكون الاداء الاقتصادي والسياسي متميز حتى يزيد من الجدارة الائتمانية للدولة ويجعلها صالحة للإستثمار.
كجوك: المؤسسات الدولية أدركت جدية الإصلاحات الاقتصادية التي تنفذها الحكومة
أكد وزير المالية أحمد كجوك أن قرارات وكالتي ستاندرد آند بورز وفيتش تعكس إدراك المؤسسات الدولية لجدية الإصلاحات الاقتصادية التي تنفذها الحكومة، مشيرًا إلى أن استمرار هذه الإصلاحات سيسهم في تعزيز النمو وتحسين جودة حياة المواطنين وزيادة تنافسية الاقتصاد.
وأضاف أن رفع التقييم يمثل شهادة ثقة من المجتمع المالي الدولي في برنامج الإصلاح الوطني، وأنه سيساعد على جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية ودعم مسار التنمية المستدامة.
ستاندرد آند بورز: رفع تصنيف مصر يستند إلى استمرار الإصلاحات الاقتصادية
أوضحت مؤسستا ستاندرد آند بورز وفيتش في تقاريرهما أن قرار رفع وتحسين تصنيف مصر يستند إلى استمرار الإصلاحات الهيكلية ومرونة سعر الصرف وزيادة تدفقات الاستثمار الأجنبي وتحسن مؤشرات القطاع الخارجي والانضباط المالي.
وأشارتا إلى تحقيق فائض أولي بنسبة 3.6% خلال العام المالي الماضي وخفض المديونية الحكومية.
كما توقعت المؤسستان ارتفاع معدل النمو الاقتصادي إلى 4.4% في عام 2025 مقابل 2.4% في 2024، إلى جانب نمو استثمارات القطاع الخاص بنسبة تفوق 70% وزيادة الإيرادات الضريبية بمعدل 35% دون فرض أعباء جديدة، بفضل التوسع في القاعدة الضريبية والإصلاحات المالية الجارية.
الرابط المختصر: https://estsmararabe.com/?p=446532
