جريدة الاستثمار العربى الان السوق يأتى اليك اقتصادية متخصصة
رئيس التحرير وليد عبد العظيم

هل يفتح «التاكسي الطائر» آفاقًا جديدة للسياحة الفاخرة في مصر؟

أثار إطلاق خدمة “إير تاكسي” أو “التاكسي الطائر” لأول مرة في مصر، تساؤلات حول الجدوى الاقتصادية للمشروع ودوره في تنشيط حركة السياحة وتخفيف الازدحام، إضافة إلى الفئات المستهدفة منه في ظل ارتفاع أسعار الخدمة.

وأكد خبراء الاقتصاد والسياحة لـ”الاستثمار العربي” أن مشروع “التاكسي الطائر” يمثل خطوة أولى نحو مواكبة التطورات العالمية في قطاع النقل، لكنه لن يحقق أثرًا اقتصاديًا مباشرًا ما لم يُدمج ضمن خطة سياحية متكاملة تسهم في زيادة العائدات الدولارية.

وأوضح الخبراء أن المشروع يعد حلقة ضمن منظومة أوسع من التطوير، وأن نجاح الدولة في ربط تلك الحلقات سيسهم في تحقيق فائدة اقتصادية ملموسة، مشيرين إلى أن الخدمة تستهدف فئة محدودة من السائحين والمصريين من ذوي القدرات المالية المرتفعة.

أنيس: المشروع يمثل جزءًا من منظومة يجب أن تُستكمل

قال محمد أنيس، عضو الجمعية المصرية للاقتصاد ومحلل الاقتصاد الكلي، إن تزايد الاهتمام بقطاع السياحة يُعد مؤشرًا إيجابيًا، باعتبار أن السياحة سلعة تصديرية تقدم خدمة ذات عائد دولاري ومدخلات دولارية من خارج النشاط الاقتصادي المحلي، مما يجعلها مساوية للتصدير من حيث الأهمية الاقتصادية.

وأوضح أنيس أن مصر تمتلك فرصًا كبيرة للنمو في قطاع السياحة، خاصة بعد التطوير الواسع للبنية التحتية خلال السنوات الأخيرة، غير أن ذلك يتطلب زيادة الطاقة الاستيعابية للفنادق التي لا تتجاوز حاليًا 250 ألف غرفة، لتصل إلى ما بين 650 و750 ألف غرفة، وهو ما قد يسهم في رفع حصيلة القطاع من الإيرادات الدولارية من 16 مليار دولار إلى نحو 50 مليار دولار.

وأشار إلى أن نحو 60% من السائحين في مصر لا تتجاوز قدرتهم المالية إنفاق 100 دولار يوميًا في المتوسط، موضحًا أن السوقين الأوكراني والروسي يسيطران على حركة السياحة الوافدة، وأن اجتذاب السائح ذي الإنفاق المرتفع يتطلب تطوير المقاصد والخدمات المقدمة، مثل سياحة اليخوت والخدمات الفاخرة كمشروع “التاكسي الطائر”.

وأضاف أن المشروع يمثل جزءًا من منظومة يجب أن تُستكمل، إذ إن فئة من السائحين لن تأتي إلا إذا توافرت خدمات راقية تتناسب مع قدرتهم العالية على الإنفاق، الأمر الذي ينعكس إيجابًا على الاقتصاد من خلال زيادة العائد وتقليل معدلات استهلاك وصيانة الأصول السياحية.

وأكد أن تنفيذ المشروع من خلال القطاع الخاص خطوة مهمة لضمان الجدوى الاقتصادية واستهداف الربحية، مشيرًا إلى أن مشاركة القوات الجوية المصرية توفر التسهيلات اللازمة لتشغيل المشروع، ما يعزز الثقة في البيئة الاستثمارية المحلية.

وتوقع أن يكون الإقبال الأكبر على الخدمة من السائحين ذوي القدرات المالية المرتفعة، فيما سيكون الإقبال من المصريين محدودًا، موضحًا أن الهدف الأساسي هو جذب إنفاق من خارج الاقتصاد المحلي لخلق قيمة مضافة حقيقية.

واختتم أنيس بأن مساهمة “التاكسي الطائر” في تخفيف الازدحام ستقتصر على مستخدمي الخدمة، دون أن يكون لها تأثير مباشر على الزحام المروري العام في المدن الكبرى.

Ads

عبد العظيم: المشروع يستهدف الشخصيات المرموقة.. ولابد من مشروع سياحي متكامل

قال عماري عبد العظيم، الخبير السياحي ورئيس شعبة السياحة والطيران بالغرفة التجارية سابقًا، إن مشروع “التاكسي الطائر” لن يكون له تأثير مباشر على الدخل السياحي في الوقت الحالي، إذ إن النقد الأجنبي الناتج عنه لا يدخل خزينة الدولة بصورة مباشرة. وأوضح أن تحقيق عائد ملموس يتطلب إطلاق مشروع سياحي متكامل تشرف عليه الدولة لضمان تحقيق دخل حقيقي ومستدام.

وأكد عبد العظيم أن المشروع يمثل تجربة جديدة وبداية لمواكبة التطورات العالمية في النقل السياحي، مشيرًا إلى أنه من المبكر الحكم على نتائجه قبل تقييم أدائه الفعلي خلال الفترة المقبلة.

وأشار إلى أن “التاكسي الطائر” يعد وسيلة نقل سريعة ومكلفة في الوقت ذاته، توفر وقتًا كبيرًا للسائحين وتمكّنهم من التنقل بسهولة بين المقاصد السياحية المختلفة داخل مصر مثل القاهرة، الأقصر، أسوان، مرسى علم، رأس الحكمة، والعلمين.

وفيما يتعلق بارتفاع أسعار الرحلات، أوضح عبد العظيم أن مصر تظل من أرخص المقاصد السياحية على مستوى العالم بفضل انخفاض قيمة الجنيه مقابل الدولار، ما يجعلها وجهة مفضلة للعديد من السائحين من مختلف الجنسيات.

وأضاف أن المشروع سيجذب الشخصيات المرموقة في زياراتها لمصر، مثل رؤساء الدول والوزراء السابقين ورجال الأعمال، الذين يبحثون عن وسائل نقل مريحة وسريعة بعيدًا عن الازدحام، متوقعًا أن يكون الإقبال الأكبر على الخدمة في الرحلات خارج القاهرة أكثر من داخلها.

وجيه: استثمارات “التاكسي الطائر” في مصر تبلغ 5 مليار جنيه

قال تامر وجيه، رئيس شركة “تي سي إم للاستشارات الاقتصادية” الذراع الاستشاري لمجموعة “برايم مصر”، إن قيمة استثمارات مشروع “التاكسي الطائر” في مصر تبلغ نحو 5 مليارات جنيه، أي ما يعادل 105.6 مليون دولار، بتمويل إماراتي مصري مباشر بالكامل، وذلك بالتعاون مع شركة “طيران أبوظبي” والقوات الجوية المصرية.

وأوضح وجيه أن تكلفة الطائرات المستخدمة في المرحلة الأولى من المشروع تقدر بنحو 2 مليار جنيه، مشيرًا إلى أن الشركة تمتلك حاليًا 4 طائرات عاملة، ومن المخطط أن يرتفع العدد إلى 8 طائرات الشهر المقبل مع التوسع التدريجي في التشغيل.

وأشار إلى أن الخدمة تستهدف شركات السياحة ورجال الأعمال والتنقل السريع داخل القاهرة وبين المدن الساحلية، لافتًا إلى توقيع عقود تعاون مع عدد من الكيانات السياحية، منها “أورا”، و”مهرجان الجونة السينمائي”، و”بلو سكاي للسياحة”، و”الهانوف للسياحة”، و”ترافكو”.

وأضاف أن المشروع يسهم في تسهيل حركة التنقل بين المدن الرئيسية والمناطق الحيوية في القاهرة، موضحًا أن أسعار الرحلات تبدأ من 200 دولار داخل العاصمة، وتصل إلى 1500 دولار للمدن البعيدة مثل شرم الشيخ والغردقة والجونة.

وبيّن وجيه أن زمن الرحلة إلى الساحل الشمالي سيبلغ نحو 60 دقيقة، وإلى واحة سيوة نحو 90 دقيقة، مشيرًا إلى أن المشروع يعتمد على طائرات كهربائية حديثة من طراز (eVTOL) تقلع وتهبط عموديًا من مهابط صغيرة (Vertiports) دون الحاجة إلى مطارات تقليدية.

وأكد أن الخطة المستقبلية تشمل التوسع في خدمات النقل الجوي الطبي والشحن السريع لتغطية احتياجات أكبر في السوق المحلي.