صعدت البورصة المصرية بنحو 27%، منذ بداية 2025، حيث ارتفع مؤشرها الرئيسي من مستوى 29,740 نقطة تقريبًا لدى إغلاق جلسة 31 ديسمبر 2024، إلى مستوى 37,677 تقريبًا عند ختام تداولات اليوم الخميس الموافق 16 أكتوبر 2025.
وعلى الرغم من الصعود المستمر والأداء الجيد للسوق والأسهم بشكل عام، إلا أن المستثمر لم يحقق ربحية فعلية تعادل قيمة التضخم وانخفاض قيمة العملة، لتبقى المكاسب مجرد أرقام على المؤشر لا ينتفع بها المستثمر بشكل حقيقي.
وعدد خبراء سوق المال الأسباب التي تحول دون استفادة المستثمرين من مكاسب البورصة، كما ألقوا الضوء على عوامل طرد الاستثمار المباشر أيضًا ووسائل دعمه، كونه حجر الأساس في دعم البورصة المصرية، لافتين إلى أهمية تحسين البيئة الاستثمارية بشكل عام من خلال تنفيذ استراتيجيات جديدة لإدارة الاقتصاد تضمن ربحية السوق والمستثمر معًا، وكذا تدعم اقتصاد الدولة بشكل واضح.

سعيد: ارتفاع المؤشر العام وصعود الأسهم لم ينعكسا على تحقيق ربحية فعلية لمحافظ المستثمرين
قال محمد سعيد، خبير أسواق المال، إن البورصة المصرية حققت أداءً جيدًا منذ بداية 2025 وحتى الوقت الحالي، موضحًا أن استمرار الصعود دون تصحيح ليس أمرًا صحيًا للسوق، إلا أن البورصة لا تزال تمتلك فرصة للصعود مدعومة بعدة عوامل.
وحدد سعيد أهم هذه العوامل في دخول البنك المركزي المصري في مسار لتيسير السياسة النقدية، عبر خفض سعر الفائدة، متوقعًا استمرار نهج التخفيض حتى وإن قرر المركزي التثبيت في اجتماعه المقبل.
وأوضح لـ”الاستثمار العربي” أن هناك نسبة كبيرة من الأسهم لم تعوض بعد قيمة خفض الجنيه المصري، مؤكدًا أن ضعف العملة ينعكس عادة بأداء إيجابي على سوق المال. وأشار إلى التفاوت الراهن في أداء الأسهم، إذ حققت بعض أسهم المضاربات أداءً أفضل من المؤشر العام، مقارنةً بمعدلات التضخم الحالية.
وأكد سعيد أن ارتفاع المؤشر العام وصعود الأسهم لم ينعكسا على تحقيق ربحية فعلية لمحافظ المستثمرين، موضحًا أن الأسهم التي ارتفعت بقوة كان صعودها مفاجئًا، ولم يستفد منها معظم المستثمرين الذين يتركزون في الأسهم الراكدة. أما أسهم المضاربة الرابحة، فقد تخارج منها أصحابها سريعًا دون الاستفادة من مكاسبها الكبيرة على مدار العام.
ورأى الخبير أن على المستثمرين وضع خطة واضحة واستراتيجية مدروسة للتعامل مع الأسهم، سواء من خلال إدارة المحافظ بشكل علمي أو عبر صناديق الاستثمار، لتجنب مفاجآت السوق، خاصة في ظل انتشار التلاعبات التي ترفع مستوى المخاطرة في أسهم المضاربة.

الفقي: الاستثمار غير المباشر لم يأخذ حظه بعد.. والتوقيت مثالي لطروحات حكومية كبرى
أشار سعيد الفقي، العضو المنتدب لشركة أصول القابضة، إلى أن المؤشر الرئيسي لا يعكس القيمة الحقيقية للأسهم أو معدلات المكاسب الواقعية، موضحًا أن ذلك يرجع إلى ارتفاع الوزن النسبي لعدد محدود من الأسهم القيادية.
وأوضح أن سهم البنك التجاري الدولي يمثل نحو 40% من الوزن النسبي للمؤشر، يليه سهم هيرمس بنسبة 7%، ثم مصر الجديدة بنسبة 5%. وبالتالي قد يصعد المؤشر العام رغم تراجع معظم الأسهم الأخرى، إلى جانب انتشار المضاربات وضعف الاستثمار طويل المدى، ما يفسر محدودية ربحية المستثمرين رغم ارتفاع السوق.
وأضاف لـ”الاستثمار العربي” أن الاستثمار غير المباشر لم يحقق بعد المكاسب التي تعادل تراجع قيمة الجنيه بعد تحرير سعر الصرف، مشيرًا إلى أن السوق لم يشهد منذ سنوات دورة صعودية حقيقية تعكس القيم الفعلية للشركات من حيث الملاءة المالية ونتائج الأعمال.
ولفت إلى أن بعض الأسهم تراجعت أسعارها على عكس الاستثمارات الأخرى مثل الذهب والعقارات التي تضاعفت قيمها عدة مرات، متوقعًا بدء انتقال جزء من رؤوس الأموال المستثمرة في تلك القطاعات إلى سوق الأسهم خلال الفترة المقبلة.
وأكد الفقي أن البورصة المصرية كانت من أوائل القطاعات المتأثرة بالتوترات الجيوسياسية الإقليمية والعالمية، وهو ما أدى إلى تذبذب السوق بين الصعود والهبوط قبل أن يستقر نسبيًا ويبدأ في الصعود التدريجي منذ منتصف العام الجاري، مدعومًا بتحسن الأوضاع الاقتصادية ورفع التصنيف الائتماني لمصر، مما عزز ثقة المستثمرين.
وأشار العضو المنتدب لشركة أصول القابضة إلى أن التوقيت الحالي يعد مناسبًا لبدء تنفيذ برنامج الطروحات الحكومية وضخ استثمارات جديدة في السوق، خاصة مع ارتفاع قيم التداول إلى نحو 5 مليارات جنيه يوميًا.
وذكر أن شركات مثل إنبي وبنك القاهرة يمكن أن تمثل بداية قوية للبرنامج، بشرط أن يتم تقييم الأسهم بأسعار عادلة تضمن تحقيق مصلحة مزدوجة لكل من الشركة والمستثمر. وأكد أن نجاح الطروحات يتطلب تسويقًا احترافيًا داخليًا وخارجيًا، بما يحقق الفائدة للبورصة والمستثمرين والشركات المطروحة على حد سواء.

عويضي: ثبات سعر الصرف أحد أهم عوامل إصلاح السوق.. وفروق العملة والتضخم يؤديان إلى تآكل المكاسب
وعن كيفية إصلاح المناخ الاستثماري العام من أجل تحقيق ربحية حقيقية للسوق والمستثمر معًا، قال سيد عويضي، محلل أسواق المال، إن إصلاح المناخ الاستثماري لتحقيق ربحية حقيقية للسوق والمستثمر يبدأ من تعزيز فرص الاستثمار المباشر، وهو ما يتطلب في المقام الأول استقرار العملة المحلية.
وأوضح أن ثبات سعر الصرف يمثل أحد أهم عوامل إصلاح السوق، لأن فروق العملة والتضخم المستمر يؤديان إلى تآكل مكاسب المستثمرين، مما يجعل أرباحهم مجرد مكاسب وهمية لا توازي قيمتها الحقيقية.
وأضاف عويضي أن استقرار سعر الجنيه أمام الدولار لفترة طويلة يسمح للمستثمر بوضع خطط استثمارية واضحة ومبنية على بيانات مستقرة، بما يضمن له تحقيق مكسب فعلي عند انتهاء الاستثمار بنفس سعر الصرف الذي بدأ به، مشيرًا إلى أن وضوح الرؤية النقدية يشجع على ضخ استثمارات جديدة.
وأكد لـ”الاستثمار العربي” أهمية فتح الاقتصاد أمام الشركات الكبرى من دون عوائق، خاصة تلك المتعلقة بارتفاع أسعار الطاقة، موضحًا أن التكلفة الاستثمارية الكبيرة تحد من قدرة المصانع على الإنتاج والتوسع. ودعا إلى وضع تسعيرة خاصة للطاقة الموجهة للمصانع، مع تقديم تسهيلات ضريبية لتشجيع الإنتاج وزيادة القدرة التنافسية للقطاع الصناعي.
وأشار إلى أن ارتفاع أسعار الفائدة البنكية يضر بالاستثمار، إذ يؤدي إلى زيادة تكلفة التمويل على الشركات والمستثمرين، ويشجع في الوقت نفسه على الادخار داخل البنوك بدلًا من ضخ الأموال في السوق. وأشاد بقرارات خفض الفائدة الأخيرة واستقرار سعر الصرف النسبي، معتبرًا أنها خطوات إيجابية تعزز الاستثمار المباشر وتدعم نشاط البورصة.
وأوضح أن زيادة التكلفة الإنتاجية تؤدي إلى ارتفاع الأسعار وضعف المبيعات نتيجة انخفاض القدرة الشرائية للمواطن، الذي أصبح يوجه دخله للأساسيات فقط. وشدد على أن إعادة هيكلة الاقتصاد بما يضمن تحسين مستوى دخل الفرد تُعد من أهم عوامل دعم الاستثمار وتقوية الاقتصاد الوطني.
واختتم عويضي بالتأكيد على ضرورة إعادة النظر في السياسات الاقتصادية بشكل شامل، عبر إدارة تركز على تهيئة بيئة جاذبة للإنتاج، تجذب المستثمر الأجنبي لإنشاء مصانع منتجة بدلاً من الاستثمار في أدوات الدين قصيرة الأجل.
وأكد أن الاستثمار الإنتاجي يساهم في خلق فرص عمل وتحقيق أرباح حقيقية، ما يؤدي إلى تنشيط البورصة وزيادة السيولة وتنوع الأسهم المتداولة.
الرابط المختصر: https://estsmararabe.com/?p=448255
