صرحت رانيا المشاط وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي بأن الاقتصاد المصري مرشح لتحقيق معدل نمو يقترب من 5% خلال العام المالي الجاري، في ظل استمرار تنفيذ برامج الإصلاح الاقتصادي والهيكلي.
وأوضحت أن ارتفاع معدل النمو الاقتصادي في العام المالي 2024-2025 إلى 4.4% جاء مدفوعًا بالأداء القوي لقطاعات الصناعات التحويلية غير البترولية، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والسياحة، إلى جانب أنشطة الوساطة المالية والتأمين.
وأثار ذلك تساؤلات حول مدى إمكانية انعكاس النمو الاقتصادي على الحياة اليومية للمواطن في ظل الارتفاع المتسارع في معدلات التضخم وغلاء أسعار السلع الأساسية، إضافة إلى بحث العلاقة بين النمو الاقتصادي ومستويات التضخم وتأثيرها على معيشة المواطنين.

عبده: التنمية الاقتصادية ليست مجرد نمو بل هي ما يمس حياة المواطن
أوضح رشاد عبده رئيس المنتدى المصري للدراسات الاقتصادية الفرق بين النمو الاقتصادي والتنمية الاقتصادية، حيث أن النمو يعبر عن زيادة القيمة السوقية للسلع والخدمات المنتجة (كمي) ويقاس بالناتج المحلي الإجمالي، بينما التنمية تشمل تحسينات نوعية في مستوى معيشة المواطنين مثل التعليم والصحة وتوزيع الدخل والبنية التحتية، ولا يمكن أن تتحقق بدون نمو اقتصادي.
وأشار لـ”الاستثمار العربي” أن الدولة قد تحقق معدلات نمو مرتفعة دون أن يشعر المواطن بذلك، لأن التنمية هي ما يؤثر على الرفاهية وجودة الحياة. وأكد أن تجربة مصر قبل 25 يناير 2011 شهدت نموًا اقتصاديًا بنحو 7.1% في عهد يوسف بطرس غالي، ولم ينعكس ذلك على المواطن، مشددًا على ضرورة استمرار معدل النمو فوق 7% لمدة خمس سنوات متواصلة ليؤثر إيجابيًا على حياة الناس، كما حدث في التجربة الاقتصادية الصينية.
وأوضح عبده أن تخفيض أسعار الفائدة مع استمرار ارتفاع التضخم يؤثر سلبًا على المواطنين الذين يعتمدون على قيمة الودائع في الإنفاق اليومي، ويقلل من فرص رجال الأعمال في الاستثمار والتنمية بسبب ارتفاع تكلفة القروض لتمويل المشاريع.
وقال إن ارتفاع معدل النمو مؤشر جيد، لكنه يجب أن يستمر لتوفير السلع الأساسية وسهولة الحصول عليها. وطالب بالإفراج عن بضاعة رجال الأعمال في الجمارك لتمكينهم من الحصول على الآلات والمعدات والمشاركة في التنمية الاستثمارية.
وأكد أن معالجة جميع الأدوات الاقتصادية مع توفير فرص عمل وتحسين المرتبات، والحد من الفساد والبيروقراطية، وتشجيع المستثمرين وجذب أموال من الخارج، ضروري لعمل دورة الإنتاج بشكل جيد في مناخ إيجابي. وأوضح أن ذلك مشروط بالقضاء على التضخم، وتحويل التركيز من بناء القرى السياحية إلى المصانع، لتحقيق حياة أفضل للمواطنين تنعكس إيجابًا على الإنتاج والاقتصاد.

المهدي: يجب زيادة الضرائب على الطبقات الغنية وإعادة توزيعها لتحسين الخدمات
قالت عاليه المهدي، أستاذ الاقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة وعميد الكلية الأسبق، إن تحقيق مصر معدل نمو بنحو 5% في العام المالي 2025-2026 أمر جيد ونأمل أن يتحقق على أرض الواقع.
وأوضحت أن ترجمة هذا النمو إلى تحسن ملموس في مستوى معيشة الأفراد يحتاج إلى وقت طويل، وليس أمرًا حتميًا.
وأشارت لـ”الاستثمار العربي” أن ذلك يعتمد على إعادة توزيع النفقات لضمان زيادة نصيب الطبقات الفقيرة من الناتج المحلي الإجمالي، بهدف خفض نسبة الفقر.
وكما أكدت ضرورة رفع إنتاجية الطبقات الفقيرة والمتوسطة لزيادة نصيبها من الناتج، إلى جانب زيادة التحويلات والمساعدات المالية للفقراء، مع الإشارة إلى أن هذا وحده لا يكفي لتحسين المعيشة.
وأصافت أنه من الضروري خفض معدل التضخم الذي ارتفع إلى نحو 11%، ويشكل الجزء الأكبر منه السلع الغذائية والمشروبات، والتي تمثل نسبة كبيرة من ميزانية الأسر الفقيرة والمتوسطة، لضمان تحسن ملموس في مستوى المعيشة.
وسلطت المهدي الضوء على أهمية تقليل الإنفاق الحكومي المبالغ فيه، خاصة في البنية الأساسية والبنية التحتية، واستبداله بالتركيز على الخدمات الضرورية للطبقات العريضة مثل التعليم والصحة، لتخفيف الأعباء عن الأسر مثل الدروس الخصوصية ونفقات العلاج.
واقترحت زيادة نسبة الضرائب على الطبقات الغنية وإعادة توزيعها لتحسين الخدمات، إلى جانب خفض معدلات التضخم وتقليص العجز في الموازنة العامة للدولة، بما يسهم في تحسين مستوى معيشة المواطنين.

زينة: لابد من خفض الأسعار وزيادة الرواتب لتفادي صدمة تضخمية للمواطن
أوضح بهاء زينة الخبير الاقتصادي أن رفع أسعار الوقود أدى إلى تسارع ارتفاع معدلات التضخم إلى نحو 10-15%، متوقعًا حدوث صدمة تضخمية للمواطنين خلال الأشهر الثلاثة المقبلة.
وأكد لـ”الاستثمار العربي” أن عدم خفض أو تثبيت معدلات التضخم يهدد حياة المواطنين، خاصة الطبقات الفقيرة والمتوسطة، مشيرًا إلى أن معدلات النمو المتوقعة لن تنعكس على حياتهم ما لم تستقر التضخم.
وأشار زينة إلى أن تعهد الحكومة بعدم رفع أسعار الوقود لمدة عام أمر إيجابي، شرط تبني سياسات لخفض التضخم إلى 5-8%، خاصة في السلع الأساسية، ورفع الحد الأدنى للأجور إلى نحو 9-10 آلاف جنيه لمواكبة التضخم، مع العمل على خفض معدلات البطالة خلال 2026.
رفع التصنيف الائتماني للاقتصاد المصري
أعلنت وكالة ستاندرد آند بورز للتصنيفات الائتمانية في 11 أكتوبر رفع التصنيف الائتماني طويل الأجل لمصر إلى «B» بدلًا من «B-» مع نظرة مستقبلية مستقرة، للمرة الأولى منذ سبع سنوات.
وعلقت وزيرة التخطيط بأن ذلك يعكس فاعلية الإصلاحات الاقتصادية والهيكلية منذ مارس 2024، مؤكدة أن التقدم جاء نتيجة التنسيق بين الحكومة والبنك المركزي لضمان استقرار الاقتصاد الكلي.
الرابط المختصر: https://estsmararabe.com/?p=450463
