جريدة الاستثمار العربى الان السوق يأتى اليك اقتصادية متخصصة
رئيس التحرير وليد عبد العظيم

«المعادن النادرة» عمود التقنيات الفقري.. كيف تهيمن الصين على السوق العالمي؟

المعادن النادرة هي مجموعة من 17 عنصراً كيميائياً تُستخرج من قشرة الأرض، وتعد أساسية في تصنيع أكبر قدر من المنتجات الاستهلاكية في العالم، بما يشمل الهواتف الذكية، السيارات الكهربائية، توربينات الرياح، الأقمار الصناعية، والمعدات العسكرية المتقدمة.

ووفقًا للمعهد البريطاني للمسح الجيولوجي، تزداد المنافسة على هذه المعادن نظرًا لأهميتها الاقتصادية واستخدامها في التقنيات الحديثة التي يعتمد عليها العالم. من بين أهم هذه المعادن التيتانيوم، الذي يعد من أقوى المعادن على الأرض، والليثيوم، والجرافيت، واليورانيوم الذي يُستخدم كوقود أساسي للمفاعلات النووية، بالإضافة إلى البيريليوم.

الهيمنة الصينية على المعادن النادرة

تمتلك الصين أكبر مصانع معالجة المعادن الأرضية النادرة عالميًا، وتستحوذ على نحو 70% من الإمدادات العالمية، بينما تحتكر نصف الاحتياطي العالمي لهذه المعادن، تليها البرازيل وفيتنام وروسيا، بينما تمثل الولايات المتحدة نحو 12% فقط.

ويقتصر استخراج المعادن النادرة في الولايات المتحدة على منجم واحد في كاليفورنيا يُصدّر مستخلصاته إلى الصين للمعالجة، نظرًا للآثار البيئية السلبية المصاحبة لعملية المعالجة المحلية.

تتركز صناعة المعادن النادرة في الصين في منطقتين رئيسيتين؛ الأولى هي منطقة بايان أوبو في منغوليا الداخلية شمال الصين، التي تحتوي على المعادن الخفيفة المستخدمة في مغناطيس القطع العادية، والثانية محيط غانتشو الذي يحتوي على المعادن الثقيلة الأكثر صعوبة في الاستخراج، وتستخدم في المغناطيس المقاوم للحرارة، محرّكات الطائرات القتالية، وأنظمة التحكم بالصواريخ والليزر.

إنتاج المعادن النادرة حول العالم

سجلت الصين خلال عام 2024 إنتاجًا بلغ نحو 270 ألف طن من المعادن النادرة، بينما بلغ إنتاج الولايات المتحدة نحو 45 ألف طن، وميانمار نحو 31 ألف طن، فيما بلغ إنتاج أستراليا وتايلاند نحو 13 ألف طن لكل منهما.

Ads

وتمتلك أفريقيا أيضًا مجموعة من 17 عنصرًا معدنيًا أساسيًا تمثل العمود الفقري للتقنيات المتقدمة في مجالات السيارات الكهربائية والطاقة المتجددة والإلكترونيات والدفاع. وأشارت وكالة الطاقة الدولية إلى ضرورة مضاعفة الإنتاج العالمي لهذه المعادن سبع مرات لتلبية احتياجات قطاع الطاقة النظيفة وحده بحلول عام 2040، إلى جانب باقي القطاعات الحيوية.

قيود الصين على التصدير والردود الدولية

فرضت الصين في أكتوبر الماضي قواعد جديدة تشترط على الشركات الأجنبية الحصول على موافقة الحكومة قبل تصدير أي منتجات تحتوي حتى على كميات ضئيلة من بعض المعادن النادرة، ما دفع الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب لإعلان فرض رسوم جمركية إضافية بنسبة 100% على الصادرات الصينية.

إلا أن هذه التوترات هدأت بعد التوصل إلى اتفاق بين واشنطن وبكين يقضي بتأجيل تطبيق هذه القيود لمدة عام. في المقابل، تبحث الولايات المتحدة عن مصادر إمداد بديلة، بينما رصد الاتحاد الأوروبي 3 مليارات يورو لتمويل مشاريع استخراج المعادن النادرة وتكريرها وإعادة تدويرها.

وفي خطوة جديدة، بدأت الصين مؤخرًا بمنح تراخيص تصدير أطول أجلًا للشركات الأوروبية، بما يتيح لها الحصول على المعادن النادرة الضرورية للاستخدام الصناعي والتكنولوجي.

صادرات الصين من المعادن النادرة

ارتفعت صادرات الصين من المعادن النادرة بنسبة 13% في نوفمبر 2024 مقارنة بالشهر السابق، ليصل حجم الصادرات إلى 6,958 طنًا، وهو مؤشر على أن تخفيف قيود التصدير بدأ يعيد الزخم لتدفّق المواد الحيوية المستخدمة في المركبات الكهربائية، الصناعات الدفاعية، والتقنيات المتقدمة.

وتأتي هذه التحركات ضمن استراتيجية الصين لضمان استمرار تصدير المعادن النادرة بما يخدم مصالحها الاقتصادية، مع تعزيز فرص التعاون مع الشركاء الدوليين في ظل الطلب المتزايد على هذه الموارد الحيوية.