تزايدت التساؤلات والقلق والحيرة خلال الآونة الأخيرة بشأن تداعيات الأزمة الروسية – الأوكرانية، على مصير الأمن الغذائي خاصة في الشرق الأوسط، حيث بات تهديد الأمن الغذائي أحد أكبر أسباب القلق للدول حال تعرض العالم لأزمة سياسية أو اقتصادية، بعدما أدت التوترات بين روسيا وأوكرانيا إلى ارتفاع أسعار القمح العالمية، حيث يشكل البلدان معا ما يصل إلى ثلث صادرات القمح عالميًا، والكثير من الحبوب موجهة إلى دول الشرق الأوسط وأفريقيا التي تعتمد بشكل كبير على الواردات ، ويذهب الكثير من هذه الصادرات إلى الشرق الأوسط للحفاظ على أسعار الخبز في متناول الجميع، بحسب صحيفة “وول ستريت”.
وتأتي الأسعار المرتفعة في وقت صعب بالنسبة للبلدان التي تعتمد على واردات القمح، إذ دفعت تحديات الإمدادات المستمرة الناجمة عن الجائحة في دفع أسعار الغذاء العالمية إلى أعلى مستوياتها خلال عقد من الزمان، مما أدى إلى توالي التساؤلات: فهل تهدد الأزمة الروسية – الأوكرانية الأمن الغذائي للشرق الأوسط؟ وهو السؤال الأكثر حضورًا، ونعرض فيما يلي أسبابه.
الأزمة الروسية الأوكرانية
قامت روسيا بحشد 100 ألف جندي على حدود أوكرانيا، وأغلب سفرات العالم طالبت رعاياها بمغادرة أوكرانيا، أبرزهم أمريكا وألمانيا والإمارات والسعودية ، وتنفي الحكومة الروسية مرارا وتكرارا نيتها لغزو جارتها التي تسعى للانضمام لحلف الناتو رغم مخالفة هذا لوثيقة إعلان سيادة دولة أوكرانيا، المعتمدة في 16 يوليو 1990، والتي حملت قسم الأمن الخارجي والداخلي ونص على أنه ” تقع صفة عدم الانحياز وعدم الانضمام إلى الأحلاف، في أساس الدولة الأوكرانية”.
كما تخطط الولايات المتحدة لفرض عقوبات شديدة إذا قامت روسيا بغزو أوكرانيا، ويمكن لروسيا أن تلحق الضرر ببقية العالم من خلال سيطرتها على بعض السلع الأساسية في أوكرانيا.
أوكرانيا الأولى في صادرات الحبوب
وخلال العقد الأخير صعدت أوكرانيا إلى المراتب الأولى في صادرات الحبوب، حيث كانت تهدف هذا العام إلى احتلال المرتبة الثالثة في القمح والمرتبة الرابعة في الذرة، على الرغم من أن الصراع الأخير مع روسيا قد غرس الخوف في الأسواق بشأن ما إذا كانت جهود التصدير الأوكرانية يمكن أن تنجح.
ساعدت التوترات المتصاعدة والحركة العسكرية المتزايدة على طول الحدود الروسية الأوكرانية في دفع العقود الآجلة للقمح المتداولة في شيكاغو إلى الارتفاع بأكثر من 7% خلال شهر يناير إلى حوالي 8 دولارات للبوشل (مكيال الحبوب) وهو أقل بقليل من أعلى مستوى له خلال 10 سنوات تقريبًا عند 8.50 دولارات للبوشل.
كشفت صحيفة “وول ستريت جورنال” أن التوترات بين روسيا وأوكرانيا لم تنحسر تأثيرها فقط على مناطق الصراع بل ستمتد أثارها على العالم برمته وعلى منطقة الشرق الأوسط أيضا وذلك لأن الكثير من صادرات القمح تذهب إلى منطقة الشرق الأوسط، مما يشكا تهديدا كبير لأسعار السلع الغذائية وخاصة الخبز.
اقرا المزيد : «الغرفة التجارية»: 5% زيادة في أسعار الفضة و10% تراجعًا في وارداتها
واردات القمح المصرية
تعد مصر، أكبر مستهلك للقمح الأوكراني، إذ اشترت العام الماضي ما يعادل 14% من إجمالي استهلاكها من القمح من الدولة الواقعة في شرق أوروبا ، وتواصل وزارة التموين حاليا العمل على تنويع مصادر واردات القمح، حسبما قال المصيلحي. وبدأت الوزارة العمل على تنويع مصادر واردات البلاد من المحصول العام الماضي، حينما اشترت القمح من لاتفيا لأول مرة، وبدأت في دراسة الاستيراد من دول أخرى بما في ذلك فرنسا وكندا والولايات المتحدة كذلك.
ويكفي الاحتياطي الاستراتيجي للبلاد من القمح لمدة 5.4 شهر، بحسب الوزير، والذي أضاف أن أسعار القمح كانت تنخفض خلال الأسبوعين الماضيين، إذ شهد السوق فائضا وبدأ الطلب الناجم عن الجائحة في التراجع.
قفزة أسعار الذهب
وقفز سعر الذهب بالبورصات العالمية 30 دولارًا في يومين، ليصبح سعر الأوقية حوالي 1858 دولارًا في ختام جلسة الجمعة الماضية مقابل 1828 دولارًا ، وتجاوزت أسعار الذهب إلى أعلى مستوى لها في شهرين تقريبًا، بسبب المخاوف من ارتفاع التضخم وتراجع الدولار وتصاعد التوترات بين روسيا وأوكرانيا، ومع زيادة الطلب على شراء المعدن باعتباره ملاذا آمنا.
وقال أحمد معطي المدير التنفيذي لشركة “آي ماركتس” للاستشارات المالية في مصر أن أسعار الذهب ارتفعت بسبب الأزمة بين أوكرانيا وروسيا وتتأثر أسعار الذهب تتأثر خلال الأزمات السياسية وقرارات البنوك المركزية ، موضحا أن تأثير الأزمات السياسية على مستويات الذهب البورصات العالمية تكون أقوى من قرارات البنوك المركزية، وخاصة في ظل هذه الأزمة مع دول كبرى مثل روسيا وأوكرنيا.
الرابط المختصر: https://estsmararabe.com/?p=67140