تسببت الاضطرابات في سلاسل التوريد العالمية وارتفاع أسعار الطاقة والتغييرات المناخية، في ارتفاع أسعار المواد الغذائية على مستوى العالم، وأثر هذا الارتفاع على أنواع مختلفة من الغذاء على غرار الحبوب والزيوت النباتية والزبدة والمعكرونة ولحم البقر والقهوة،
وتتزامن مع التحديات التي يواجهها المزارعون في جميع أنحاء العالم، وفي مقدّمتها الجفاف والعواصف الجليدية التي دمّرت المحاصيل، وارتفاع أسعار الأسمدة والوقود، ونقص العمالة بسبب وباء كورونا، واضطراب سلاسل التوريد التي تجعل من الصعب توصيل المنتجات إلى السوق.
الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين
وأشارت صحيفة “نيويورك تايمز” إلى أنه حتى قبل الوباء، كانت أسعار الغذاء العالمية تتجه نحو الارتفاع حيث قضى المرض على الكثير من قطعان الخنازير في الصين، وأدت الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين إلى فرض رسوم جمركية صينية على السلع الزراعية الأميركية.
وتمثّل النزاعات المسلحة تهديداً محدقاً بالأمن الغذائي، حيث أدت الزيادة الملحوظة في عددها ومدى تعقيدها في السنوات العشر الأخيرة إلى تآكل ما تحقق من مكاسب في مجال الأمن الغذائي، مما دفع كثيراً من البلدان إلى شفير المجاعة. وقد تجاوزت النزاعات الداخلية عدد النزاعات القائمة بين دول مختلفة، مع زيادة في النزاعات الداخلية التي جرى تدويلها. ويعيش أكثر من نصف السكان الذين يواجهون نقص التغذية في بلدان تشهد شكلاً من أشكال النزاع أو العنف.
تحولات جائحة كورونا
ومنذ منتصف سنة 2010، بدأ مؤشر الجوع في الارتفاع، بعد تراجع عزز الآمال في توفير الغذاء للجميع. ولعل أكثر ما يبعث على القلق الارتفاع الحاد في معدلات الجوع المطلقة والنسبية خلال العام الماضي، حيث تخطت معدل النمو السكاني.
ولكن مع بدء جائحة كورونا في أوائل عام 2020، شهد العالم تحوّلات زلزالية في الطلب على الغذاء، حيث أغلقت المطاعم والكافيتريات والمسالخ أبوابها، وتحوّل المزيد من الناس إلى الطهي وتناول الطعام في المنزل، مما دفع بعض المزارعين الأميركيين، الذين لم يتمكنوا من إيصال منتجاتهم إلى المستهلكين، إلى إلقاء الحليب في حقولهم وإعدام قطعانهم.
كما أدى الجفاف وسوء الأحوال الجوية في البلدان الزراعية الرئيسة المنتجة مثل البرازيل والأرجنتين والولايات المتحدة وروسيا وأوكرانيا إلى تفاقم الوضع.
أسعار الغذاء خلال 2022
وتوقع رئيس مجلس إدارة في شركة غولدن غرين فراس بدرا، استمرار ارتفاع أسعار السلع العالمية خلال عام 2022، ولن يكون هناك انفراجة قبل موعد موسم الحصاد القادم في يوليو المقبل، مضيفا أن أهم عناصر تدخل في تسعير السلع العالمية تتضمن القمح والذرة وأصنافا أخرى مثل الصويا والزيوت.
وذكر أن ارتفاع الأسعار يتأثر بعدة عوامل، منها، ارتفاع أسعار النفط الذي يؤثر على أسعار الشحن البري والبحري، مضيفًا أن التوقعات تشير إلى مزيد من الضغوط على أسعار النفط والتي قد تصل إلى 100 دولار للبرميل في العام المقبل.
اقرأ المزيد : تركيا.. معدل التضخم يصل لأعلى مستوياته منذ 2002 والسوق الموازية تهدد بأزمة محتملة
مؤشر منظمة الأغذية والزراعة
وبالنسبة لعام 2021 ككل، بلغ متوسط مؤشر الفاو لأسعار الغذاء 125.7 نقطة، بزيادة قدرها 28.1% عن العام السابق.
بلغ متوسط مؤشر منظمة الأغذية والزراعة لأسعار الأغذية* 135.7 نقاط في يناير/كانون الثاني 2022 أي بارتفاع قدره 1.5 نقاط (1.1 في المائة) عن مستواه في ديسمبر/كانون الأول 2021. ويعزى هذا الارتفاع الجديد للمؤشر في يناير/كانون الثاني إلى الارتفاع القوي في المؤشرات الفرعية للزيوت النباتية ومنتجات الألبان التي عوّض عنها بشكل جزئي انخفاض أسعار السكر للشهر الثاني على التوالي. وبقيت المؤشرات الفرعية للحوم والحبوب دون تغيير يذكر.
وبلغ متوسط مؤشر منظمة الأغذية والزراعة لأسعار الحبوب 140.6 نقاط في يناير/كانون الثاني، أي بزيادة هامشية بلغت ) 0.1 في المائة) عن مستواه في ديسمبر/كانون الأول، و15.6 نقاط (12.5 في المائة) عن مستواه قبل عام واحد. كما تراجعت الأسعار العالمية للقمح في يناير/كانون الثاني بنسبة 3.1 في المائة مع زيادة الإمدادات الموسمية جراء وفرة المحاصيل في أستراليا والأرجنتين.
زيادة أسعار الزيوت النباتية
وبلغ متوسط مؤشر منظمة الأغذية والزراعة لأسعار الزيوت النباتية 185.9 نقاط في يناير/كانون الثاني، أي بزيادة شهرية قدرها 7.4 نقاط (أو 4.2 في المائة) محققًا بذلك أعلى مستوى له على الإطلاق. وتعكس هذه الزيادة ارتفاع أسعار زيوت النخيل والصويا وبذور اللفت ودوار الشمس. وبعد هبوط لم يدم طويلاً، عادت الأسعار الدولية لزيت النخيل لتنتعش في يناير/كانون الثاني، مدعومةً إلى حد كبير بالتخوف من احتمال تراجع الكميات المتاحة للتصدير من إندونيسيا وهي أكبر مصدر لزيت النخيل في العالم، فضلًا عن انخفاض الناتج في البلدان المنتجة الرئيسية. كما تعافت الأسعار العالمية لزيت فول الصويا بدعم من الشراء القوي للواردات، وخاصة من جانب الهند. وفي الوقت نفسه، ارتفعت أسعار زيت بذور اللفت جراء استمرار قلة الإمدادات، وكذلك الأمر لأسعار زيت دَوار الشمس جراء ارتفاع الطلب العالمي على الواردات منه. أما ارتفاع أسعار الزيوت الخام فقد دعم أيضًا ارتفاع الأسعار الدولية للزيوت النباتية.
زيادة أسعار اللحوم
وبلغ متوسط مؤشر منظمة الأغذية والزراعة لأسعار اللحوم* 112.6 نقاط في يناير/كانون الثاني، أي بزيادة طفيفة عما كان عليه في ديسمبر/كانون الأول 2021، ما رفع المؤشر بمقدار 16.6 نقاط (17.3 في المائة) عن القيمة التي سجلها في الشهر نفسه من العام الماضي. وفي يناير/كانون الثاني، سجلت أسعار لحوم الأبقار ذروة جديدة، مدعومة بالطلب القوي على الواردات العالمية الذي تجاوز كميات الصادرات، من البرازيل وأوسيانيا بشكل أساسي، ما عكس انخفاض كميات المواشي المخصصة للتجهيز.
وبلغ متوسط مؤشر منظمة الأغذية والزراعة لأسعار السكر 112.8 نقاط خلال شهر يناير/كانون الثاني أي بتراجع قدره 3.7 نقاط (3.1 في المائة) عما كان عليه في شهر ديسمبر/كانون الأول ومسجلاً تراجعًا للشهر الثاني على التوالي وأدنى مستوى له خلال الأشهر الستة الأخيرة.
الرابط المختصر: https://estsmararabe.com/?p=66483